كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
يُحلّق الدولار عالياً في سماء الليرة اللبنانية وسبقها بأشواطٍ وأشواط. ومع استمراره في التحليق، تُحلق كل البضائع هي الأخرى، وقلوباللبنانيين تعتصر ألماً من شِدّة الغلاء الحاصل.
أصحاب محلّات الميكانيك وصيانة السيارات بشكل عام، وبيع قطع غيار السيارات، الذين فُرض عليهم الإقفال لأسابيع في زمن التعبئة العامة، عادوا هذه الأيام لمزاولة أعمالهم من جديد بعد التعبئة، وكان الدولار في مكان وأصبح في مكان آخر. تتحدّث اليوم عن دولار ناهز الـ 5600 ليرة لبنانية.
في منطقة باب الرمل في طرابلس، حيث التجمّع الأساسي لتجّار قطع السيارات والميكانيك ولوازمها ومحلّات الصيانة على أنواعها، لم تشهد تلك المنطقة في حياتها أوضاعاً كالتي تعيشها اليوم. هناك، أي في باب الرمل، وحتى قُبيل التعبئة العامة، تراجعت حركة العمل على نحو كبير، بسبب قطع طريق ساحة النور، كون المنطقة تقع خلفها تماماً، والطريق الأساسي إليها يمرّ بالساحة حُكماً. أما اليوم، فالمنطقة الصناعية تلك هي في أسوأ حال على الرغم من عودة الناس إلى عملهم وافتتاح محلاتهم ومستودعاتهم.
الدولار عند حدود 5600 ليرة لبنانية، فكيف يُسيّر التجّار وأصحاب المحلات أمورهم هناك؟
شكاوى الناس
“نداء الوطن” جالت في باب الرمل، واستمعت إلى شكاوى الناس وأصحاب المحلّات. إرتفاع سعر صرف الدولار هو مُشكلة المشاكل عندهم. عبارة واحدة تسمعها عند كل من تسأل: “بهيدا الشكل ما فينا نستمرّ، القُطع نار والناس ما عاد عم تصلّح سياراتها إلا إذا وقفت القطعة نهائياً، ونحنا ما عاد فينا، عم نجيب قطع جديدة لأن أسعارها صارت نار”.
هذا لسان حال التجّار وأصحاب المحلّات. أما لسان حال المواطنين العاديين أصحاب السيارات التي تحتاج إلى صيانة فيشير إلى أن “أسعار قطع غيار السيارات والإكسسوارات كل يوم في ارتفاع مع ارتفاع الدولار. ليس في وسع أحد فينا تغيير أي قطعة في سيارته لمجرّد أن يسمع فيها صوتاً كما كان الوضع في السابق. إذا لم تكن القطعة ستؤدّي إلى تعطّل السيارة فلسنا بحاجة إلى تغييرها لأن الأمور اختلفت عن السابق”. يقول توفيق مهنا، وهو صاحب محل صيانة وبيع قطع فرط سيارات، لـ “نداء الوطن”: “أسعار القطع ما زالت هي هي كما كانت في السابق، بمعنى إذا كان سعر القطعة مئة دولار فهي على سعرها مع فارق أساسي أن المئة دولار كانت في السابق 150 ألف ليرة واليوم هي 560 ألف ليرة. أي إذا كان أي شخص يريد تبديل amortisseur مثلاً لسيارة من نوع هوندا 2011 كان سعره 150 ألف ليرة واليوم أصبح سعره 560 ألف ليرة أي فارق السعر بين الدولار والليرة. وبما أن لا دولار عندنا ولا لدى من يريدون صيانة سياراتهم فإنهم يندهشون بشدّة وهنا الكارثة الحقيقية، حتى نحن أيضاً كتجّار، لم نعد قادرين على تأمين بضاعة جديدة لأن الدولار يُحلّق أكثر كل يوم”. أما أصحاب محلات الإكسسوار، أي زينة السيارات، فوضعهم ايضاً لا يُحسدون عليه. يقول نادر، وهو صاحب محلّ زينة في باب الرمل، لـ”نداء الوطن”: “تتوقّف سيارة أمام المحل ليسأل صاحبها عن سعر طقم” كولييه” فتجيبه مئة ألف فيكاد يطير، يقول لك: كان بـ 20 $ أي 30 ألف ليرة. نعم هذا صحيح، ولكن أين أصبح الدولار اليوم؟ باختصار، لا نحنا عم نبيع ولا الناس عم تشتري”. هذا باختصار وضع الناس بشكل عام، أكان تاجراً أو صاحب محلّ أو مُستهلكاً. الدولار أطاح كل شيء وقد تصل إلى وقت ليس ببعيد تتوقّف فيه كل المصالح ويتوقّف البلد.
وفي زمن العهد القوي في لبنان، حتى الأوراق أصبحت مفقودة، وهناك أزمة في إصدار إخراجات القيد العائلية شمالاً. تتلاحق الأزمات حتى يصبح كل شيء في هذا البلد مفقوداً، أما فقدان الورق فهو كارثة الكوارث، فعلى ماذا سيكتب حسان دياب رئيس الحكومة، وطارق المجذوب وزير التربية إنجازاتهم في هذه الحالة؟