كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:
لم تكن هذه السنة الأكاديمية متوازنة وعادلة للطلاب الجامعيين. فلم يمر المسار الدراسي بطريقة مَرنة، حيث شهد لبنان إضرابات واعتصامات شارك فيها الطلاب الجامعيون الذين افترشوا ساحات الاعتصامات تاركين جامعاتهم ودروسهم لعدة أسابيع. ولكنّ فاجعة أجبرت العالم أجمع على إقفال كل ساحاته وجامعاته ومدارسه ونواديه الرياضية… لأكثر من شهرين، وهي كوفيد-19.
ولكن ها قد بدأ العد العكسي لنهاية العام الجامعي، وقد حددت الامتحانات للطلاب الذين، من جهة، يتوقون لإنهاء العام الجامعي «على خير»، ولكن من جهة أخرى، هم خائفون من «كوفيد-19». لذا، القلق من الامتحانات لسنة 2020 له نكهته الخاصة، فهو ليس فقط قلقاً «من الامتحانات» ولكنه قلق من كورونا والإمتحانات. فما هي الطرق النفسية التي يمكن اتّباعها للتخفيف من هذا القلق الذي سيواجه الطالب خلال تحضيراته لامتحانات نهاية السنة الأكاديمية؟
يبدأ الطالب الجامعي، مهما كان اختصاصه، بالاهتمام بمواده الأكاديمية منذ بداية السنة الأكاديمية حتى انتهاء الفصل. ولكنّ السنة الجامعية 2019-2020 شهدت الكثير من التقلّبات، ليس فقط على الصعيد الوطني ولكن على صعيد العالم أجمع بسبب جائحة كورونا، التي غيّرت مفهوم العلاقات الإنسانية، فارضَة التباعد الإجتماعي. وبدأت الجامعات بالبحث عن مخرج لتكملة العام الجامعي، وكان الحل من خلال استعمال المنصّات الإلكترونية والإنترنت لتفسير المواد المطلوبة. وأنا كنتُ من الأساتذة الجامعيين الذين عَلّموا عن بُعد. وبكل موضوعية، كانت تجربة ممتازة. وبعد عدة أسابيع، تبدأ الامتحانات النهائية للطلاب الجامعين، والكثير منهم يشعر بالقلق الكبير ليس فقط من الامتحان بحد ذاته ولكن أيضاً من كوفيد-19 والعدوى التي يمكن أن تنتقل بشكل سريع بين الطلاب والمراقبين والاساتذة.
تحضير للإمتحانات النهائية والقلق
إنّ الشعور بالقلق من الامتحانات هو شعور طبيعي بسبب المسؤولية التي يشعر بها الطالب حيال عامه الجامعي والاختصاص الذي يدرسه. ولكنّ كوفيد-19 أضافَ قلقاً آخر للطلاب، فهم لن يقلقوا فقط من الأسئلة التي يمكن أن يطرحها أستاذ المادة، لكنهم سيقلقون أيضاً على صحتهم بسبب الفيروس.
بداية، هذه بعض الإرشادات التي يمكن أن تخفّف من قلق الامتحانات عند الطلاب الجامعيين:
- تحديد وقت الدرس ووقت للاستراحة، وعدم الدرس لساعات وساعات من دون أخذ قسط من الراحة.
- تقسيم المواد المسؤول عنها الطالب إلى حصص متلاحقة كي لا يشعر بالملل خلال الدراسة. فيمكن دراسة مادة لمدة ساعتين، ثم الإنتقال الى دراسة مادة أخرى بحسب الجدول الدراسي المناسب للطالب.
- لا يجب أن يكون وقت الدرس كوقت عقاب للطالب، كما يمكنه الإسترخاء أو استعمال أيّ طريقة مناسبة له خلال الدرس. فمثلاً، بعض الطلاب يمارسون اليوغا أو يسمعون الموسيقى أو حتى يصلّون قبل أن يبدأوا بالدرس.
- ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي والابتعاد عن الكافيين أو المنبّهات التي، في بعض الأحيان، تكون عائقاً لاستيعاب الدروس.
- النوم أساسي لتخفيف قلق الامتحانات وعدم السهر لساعات طويلة في الليل لإنهاء كل الدروس أو مشاهدة التلفاز أو التحدّث لساعات مع الأصدقاء. فيمكن القيام بكل تلك النشاطات، ولكن بشكل منطقي ومتوازن.
- التخطيط أساسي لإنهاء المواد بشكل مناسب، وهذا ما كنت أعتمده عندما كنت طالباً جامعياً.
- تقسيم المواد بحسب صعوبتها، وطبعاً طَلب المساعدة لاستيعاب مختلف المواد الصعبة.
- الإبتعاد عن الألعاب الإلكترونية التي يمكن أن تعزّز الشعور بالقلق عند اللاعب، واستبدال هذه الألعاب الإلكترونية بألعاب أخرى هادفة ومسلية، مثال الالعاب الإلكترونية التي تقوّي الذاكرة أو الانتباه.
- الإبتعاد قدر الإمكان عن الأخبار التي تنقل طول الوقت معلومات عن الموتى والمصابين بكوفيد-19.
قلق الإمتحانات الجامعية… وكوفيد- 19
القلق شعور طبيعي يمكن أن يمرّ به أي إنسان لسبب ما. ولقد لاحَظ الأخصائيون النفسيون ظهور اضطرابات القلق أو القلق المُعمّم بعد تفشّي فيروس كورونا. وسبب هذا القلق هو الخوف من الإصابة من كوفيد-19 الذي ينتقل بشكل سريع من خلال رذاذ السعال أو اللمس لسطح موبوء… تستحوذ جميع تلك الأفكار السلبية على الطلاب الجامعيين الخائفين من جهة على مصير عامهم الجامعي، ومن جهة أخرى على صحتهم وصحة أهلهم والمقرّبين منهم. فالخوف من التقاط المرض والخوف من «الانعزال» بسببه، وطبعاً الخوف من الموت، الموجود أصلاً عند كل إنسان في اللاواعي، كل هذه الأمور تتعزّز من خلال الأرقام الإحصائية للموتى وللمصابين بكوفيد-19.
لذا، إنّ تفهُّم الطلاب في هذه المرحلة الدقيقة هو أساسي جداً، ويجب اتخاذ أقصى أشكال التباعد الإجتماعي خلال تَنقّل الطالب من بيته إلى الجامعة، وخلال الامتحانات، ووضع الكمّامات والقفازات الطبية خلال وجوده في الجامعة، كما غسل اليدين بشكل دوري، وتبديل الثياب بعد الرجوع إلى البيت وغسلها بحرارة عالية، والتباعد الجسدي عن الطلاب الآخرين خلال المحادثات…
وأخيراً، لا يمكن أن ننسى القلق من المستقبل الذي يشعر به كل طالب حيال هذه الأحوال الاستثنائية التي يمر بها العالم، وليس فقط لبنان. عزّزت هذه الاحوال القلق عند الطالب ورؤيته لمستقبله التي أصبحت غير واضحة، بل مخيفة بسبب قلق المرض والموت. لذا، إنّ تطبيق جميع الإجراءات الطبية بشكل صارم وجدي في الجامعات اللبنانية لتفادي انتشار كوفيد-19، هو السبيل الوحيد لتخفيف القلق الذي يتخَبّط به الطلاب الجامعيون.