كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
ضاقت الدنيا والخيارات فاستعان رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط على الهم الداخلي بسفراء دول الخليج. جمع شملهم واستفسر منهم وأبلغهم ما يجول في هواجسه. فجنبلاط الذي استقبل ونجله النائب تيمور، سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي والسفير السعودي وليد البخاري وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة حمد الشامسي، علّق على صورة اللقاء التي نشرها على صفحته على “تويتر” بالقول: “لقاء وجلسة محادثات صريحة وقيّمة مع أصدقاء لبنان (…) الذين أكدوا حرصهم التاريخي المعروف لإستقرار لبنان وسيادته”. وتأتي خطوته بهدف وضع سفراء الدول العربية والأجنبية في أجواء حركته السياسية، التي يقوم بها مستشاره رامي الريس على القوى والاطراف السياسية.
ورغم أن اللقاء حصل قبل يومين إلا أن جنبلاط إرتأى نشر الصورة ليل أمس الاول حيث كانت الشوارع تعج بالمحتجين بعد بلوغ سعر صرف الدولار عتبة السبعة آلاف ليرة. فبدا وكأن الصورة بتوقيت نشرها تقع ضمن سياق التطورات التي يشهدها الشارع لتظهر وكأن زعيم الجبل استعان بصديق عند الضيق. هي رمية من غير رامٍ بحيث ان اللقاء ارتدى اهمية اضافية للظرف المحيط به، فضلاً عما شهده من مواضيع كانت مثار بحث. فقد تركّز الاجتماع على شقين: موقع دول الخليج من أزمة لبنان وامكانية تقديم المساعدة، وموقفها من الوضع على الساحة السنية وضمنه وضع رئيس الحكومة سعد الحريري. والجدير ذكره أن دعوة جنبلاط للسفراء جاءت بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم استقباله الحريري.
بالشكل يروق لدول الخليج هذا المشهد الثلاثي وترتاح لإحيائه، وفي المضمون ربما تقصد جنبلاط وضعهم في أجواء اللقاء وتفاصيله. يعيش جنبلاط منذ فترة هاجس التوتر الذي يحكم واقع السنة في لبنان، ويريد الوقوف على موقع دول الخليج مما يحصل وارتداداته السلبية على كل لبنان. ربما أراد التعرف على موقفهم والبناء عليه من دون ان ينسى ايصال رسالة الى بلادهم بضرورة دعم الحريري على ساحته.
أما على المستوى اللبناني فقد يؤشر وجود السفراء معاً، نوعاً ما، إلى موقف خليجي متقارب إزاء مقاربة الوضع الداخلي اللبناني. وقد لمس جنبلاط من ضيوفه انه وعلى عكس ما يتردد من نية الخليج وسعيه الى تدهور الوضع في لبنان، فإن ممثلي الدول الخليجية أكدوا رفضهم المطلق لإنهيار الوضع في لبنان، وعبروا عن خشيتهم من تفلت حركة الشارع مع تسجيل سعر صرف الدولار اعلى مستوياته مقابل الليرة.
وفي ما يتعلق بمساعدة لبنان أعادوا التأكيد على موقف بلادهم من ضرورة معرفة آلية صرف المساعدات وبناء على اي برنامج، ما يعني ربط أية مساعدة بإصلاحات كان لحظها مؤتمر “سيدر” كشرط للمساعدة، وبما ان الخليج جزء أساسي من هذا المؤتمر فمساعدة لبنان يفترض ان تتم من خلال “سيدر” بعد انجاز الاصلاحات، او في ضوء المفاوضات التي يجريها لبنان مع صندوق النقد الدولي. أي ان سفراء دول الخليج ربطوا اية مساعدات ممكنة لبلادهم بسير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والاصلاحات التي ستجريها الحكومة.
واذا كانت المساعدات الانقاذية مرتبطة بمفاوضات صندوق النقد فماذا عن مساعدات الحد الادنى للأسر الفقيرة، أي استكمال الخطوة التي بدأتها الامارات من خلال تقديم المساعدات الغذائية والتي تم الاتفاق على توسيع نطاقها، والنقطة الثانية هي ضرورة إستمرار احتضان دول الخليج للبنانيين المقيمين على اراضيها، والذين يشكلون حداً ادنى من مقومات الصمود للبنان في مواجهة أزمته المالية.
في توصيف المحيطين فإن جنبلاط قد يكون الاحرص في ظل الظروف التي تمر بها البلاد على القيام بخطوات، لمساعدة الناس المحتاجين حتى ولو تطلب الامر منه تقديم تنازلات سياسية معينة. قصد قصر بعبدا ساعة شعر ان اللقاء ضرورة لاصابة اكثر من هدف، وكذلك اللقاء المقرر مع رئيس “الحزب الديموقراطي” النائب طلال ارسلان في عين التينة.
ويأتي هذا اللقاء عشية مرور عام على حادثة البساتين التي انتهت على أساس ان يسحب كل طرف الدعاوى المقدمة امام القضاء ضد الطرف الآخر. لم يلتزم ارسلان بوعده وهو كان بادر خلال زيارته بري أخيراً الى مفاتحته بضرورة ختم الملف نهائياً، ليرد عليه رئيس المجلس قائلاً: انت من التزم بالتنازل عن الدعاوى ولم تفِ بالتزامك، والآن اقول لك ان جنبلاط لن يمانع لكن علينا الوقوف على رأيه. وافق جنبلاط على اللقاء وتم الاتفاق على ان يلتقي ارسلان وفد المشايخ اليوم ليضعهم في صورة الاتفاق، قبل ان يلتقي وجنبلاط برعاية بري الاثنين المقبل.