بعد حوالى 125 يومًا على تسلّم حكومة الرئيس حسان دياب مسؤولياتها، لم تجد ما تقدّمه للبنانيين سوى أن تضغط على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليضخّ ما بقي من الاحتياطي الإلزامي من ودائعهم في المصارف، والمودعة لدى المصرف المركزي، في السوق بذريعة خفض سعر صرف الدولار لإراحة المواطنين!
هكذا، وبعد تهديدات الرئيس حسان دياب المتكررة بالإطاحة برياض سلامة، وبعد استعراض المجموعات المعروفة في الشوارع وتدمير وسط بيروت وإحراقه تحت عناوين إسقاط حاكم المركزي، خرج الرئيس نبيه بري ليعلن اتفاق “ترويكا الحكم” الجديدة على ضخ الدولار لخفض سعره تدريجيا ليصل إلى حدود الـ3200 ليرة!
لم ولن يفهم أرباب الاقتصاد وعلم المالية كيف يمكن خفض سعر الصرف بقرار يتخذه الرؤساء الثلاثة؟ وإذا كان كذلك فلمَ صام الرؤساء عن القيام بأي خطوة أو اتخاذ أي إجراء في هذا الإطار طوال الأسابيع والأشهر الماضية؟
وهل يمكن حماية سعر صرف الليرة عبر استنزاف الاحتياطي الباقي في مصرف لبنان وخصوصاً حين تكون الحكومة الحالية اتخذت قراراً في آذار الماضي بعدم دفع سندات اليوروبوندز للمرة الأولى في تاريخ لبنان؟ وألم يكن تسديد اليوروبوندز للمصارف التي كانت ستدفعها للمودعين خطة أفضل لعدم السماح برفع سعر الدولار وذلك بتأمين الدولار عبر المصارف عوض منحها للصرافين الذين يسهّلون إيصالها إلى خارج لبنان؟!
هل يمكن معالجة موضوع سعر صرف الدولار، وهو بالنتيجة سلعة تخضع لمنطق السوق أي العرض والطلب، من دون تأمين كمية الدولارات التي تحتاجها الأسواق؟ وهل يمكن حماية سعر الليرة عبر استهلاك ما بقي من احتياطي بالدولار؟ وإذا كان الجميع يدرك أنه من المستحيل تأمين الكميات المطلوبة من الدولارات من الداخل وتحديداً من مصرف لبنان، فأي خطوات اتخذتها وتتخذها الحكومة اللبنانية للسماح باستقدام الدولارات والعملة الصعبة من الخارج؟
أين الإصلاحات المطلوبة لوقف الهدر الذي يُقدّر سنوياً بأكثر من 5 مليار دولار بين الكهرباء والتهريب عبر المرافئ الشرعية وغير الشرعية والاتصالات وغيرها؟ وماذا فعلت الحكومة لاستعادة الثقة داخليا وخارجيا ما يسمح للبنانيين في لبنان بإعادة مليارات الدولارات التي كدسوها في المنازل إلى المصارف، وللبنانيين في الخارج بالعودة إلى النمط السابق في التحويلات إلى المصارف اللبنانية؟
ماذا فعلت الحكومة لاستعادة ثقة الإخوة العرب وتحديدا الخليجيين الذين إن عادوا في موسم الصيف لأنفقوا المليارات في السياحة في الأسواق اللبنانية؟ وهل يمكن لـ”حكومة حزب الله” أن تستعيد ثقة العرب والغرب سياحياً وعلى صعيد الاستثمارات؟
بربّكم ماذا فعلت هذه الحكومة غير إلقاء اللوم مرة على رياض سلامة والمصارف ومرّات كثيرة على السياسات السابقة؟ بماذا تمكنت من إقناع صندوق النقد الدولي؟ بأي خطوة إصلاحية؟ ولماذا صدّ الفرنسيون الرئيس حسان دياب ودعوه إلى وقف الدعوة إلى اجتماعات لمتابعة لملف مؤتمر “سيدر” طالما لم تقم الحكومة بالإصلاحات المطلوبة؟
طالما الحكومة “شاطرة” بالتعيينات فلم لم تعيّن حتى اليوم مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان والهيئة الناظمة للقطاع؟ أو أن الحكومة لا تهتم بغير تعيينات المحاصصة وتتهرب من التعيينات الإصلاحية المطلوبة من المجتمع الدولي؟!
هذه الحكومة العاجزة عن أي خطوة ولو يتيمة، كان من الأفضل لها ألا تقدم على خطوة الضغط على حاكم مصرف لبنان لهدر ما بقي من دولارات احتياطية في السوق لتتجه نحو سوريا عوض إبقائها لتلبية الحد الأدنى من الحاجات اللبنانية، لأنه ليس بهذه الخطوة تتم معالجة سعر الصرف بل بكل خطوة إصلاحية لوقف الهدر والفساد في الداخل اللبناني وعلى كامل الحدود اللبنانية!