كتبت زينة طبّارة في صحيفة “الأنباء الكويتية”:
رأى الخبير المالي والاقتصادي د.ايلي يشوعي أن الاقتصاد الحر بحسب الدستور اللبناني يعني اقتصاد اسواق حيث قوى العرض والطلب ومن ضمنها سوق القطع، أي سوق سعر صرف العملة الوطنية تجاه العملات الخارجية، تقرر وحدها سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه العملات الخارجية، فلا رئيس الدولة ولا رئيس مجلس النواب ولا رئيس الحكومة يستطيع اي منهم أن يقرر سعر صرف الدولار الاميركي وسائر العملات الصعبة، علما أن هناك قوى من المفترض ان تكون اقوى من قوى العرض والطلب تؤثر على سوق القطع وهو المصرف المركزي من خلال ما يملكه من احتياط بالعملة الصعبة بما يعطيه القدرة على التدخل للحفاظ على سعر صرف الليرة تجاه الدولار انما ضمن هامش واسع بين سعر البيع وسعر الشراء.
وعليه لفت يشوعي، في تصريح لـ «الأنباء»، الى أن الهندسات المالية الحكيمة للمصرف المركزي الى جانب السياسات الاقتصادية الرشيدة وتوفير فرص العمل وتأمين الخدمات العامة والبنية التحتية السليمة، كلها ركائز اساسية لبناء عامل الثقة بالعملة الوطنية، فالثقة كناية عن ترجمة لقيمة الأداء الرسمي، فبقدر ما يكون أداء الحكم قيما وشفافا بقدر ما يتعزز سعر صرف العملة الوطنية وهو ما نفقده اليوم، ما يعني من وجهة نظر يشوعي أن قرار الثلاثي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب بتخفيض سعر الدولار الى 3200 ليرة وما دون، غير مبني على الركائز المشار اليها اعلاه وهو بالتالي ليس أكثر من محاولة لشراء صمت الناس وامتصاص غضب الشارع.
وردا على سؤال، أكد يشوعي أن كل ما نسمعه من وعود وما نراه من لقاءات ثنائية وثلاثية وكل ما يصدر من قرارات همايونية لتهدئة سوق القطع لن يأتي ثماره، فالمشكلة التي لا جهة سياسية رسمية تعمل على معالجتها هي ان لبنان لم يبن على مناعة ذاتية وعلى مقومات دولة حقيقية لانقاذ الاقتصاد والنقد الوطني عند وقوع حدث غير متوقع ايا يكن حجمه وأيا تكن مخلفاته كالعقوبات على سبيل المثال، انما بني فقط على اوهام وسراب وتكاذب كوهم الثروة والبحبوحة ووهم الحكم الرشيد والحوكمة والجدية والشفافية في الاداء الرسمي، والاخطر كان وهم تثبيت سعر صرف الدولار تجاه العملة الوطنية، ليأتي أخيرا من يوهم الناس بتخفيض سعر الدولار الى 3200 ليرة «بربكم كفاكم ايهاما للناس بانكم قادرون على معالجة الازمة في ظل انتفاء مقومات الدولة الحقيقية وفي ظل إصابة لبنان بمرض نقص المناعة (الايدز) السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية».
وختم يشوعي مؤكدا انه حتى الساعة لا وجود لبصيص ضوء في آخر النفق والامور ذاهبة من سيئ الى اسوأ، خصوصا أن الحكومة الحالية من اخطر الحكومات التي عرفها تاريخ لبنان منذ الاستقلال حتى استقالة حكومة الحريري الاخيرة، فحكومة دياب ضربت المصداقية الدولية بمالية لبنان وتعرضت للنظام المصرفي والمالي والنقدي والاقتصادي، والاخطر انها في موضوع مكافحة الفساد جهلت الفاعلين وحيدت المرتكبين ودخلت شريكا مضاربا في لعبة المحاصصة.