Site icon IMLebanon

لا يُشبِهوننا… ولن نُشبِههُم!

كتب طوني ابي نجم في “نداء الوطن”:

في تبرير ممارسات الذين اجتاحوا وسط بيروت، ليلتي الخميس والجمعة المُنصرمتين، وِفق ما ورد على الصفحة الرسمية لـ”شباب الضاحية الجنوبية” على فيسبوك، أن “وسط بيروت – سوليدير لم يكن يوماً لنا نحن الفقراء. لم يشبهنا يوماً، ولم نشعر بالإنتماء لتلك البقعة التي بُنيت على أنقاض الفقراء، لتكون ماخوراً ومرتعاً لتلك الطبقة البورجوازية النتِنة. فلتَبكِ ولتَحترِق، وسنرقص طرباً على نواح روّادها، وإن قلبنا ينشرح لرؤيتها كمدينة أشباح”!

في ما تقدّم، يكمن جوهر الصراع الحقيقي في لبنان بين اللبنانيين، وبين الذين يُشكّلون رأس حربة في مشروع “تصدير الثورة” الإيرانية إلى لبنان. هُم يُريدون تدمير كل ما لا يُشبِههم لتحويل لبنان، ليس شبيهاً لإيران ولاية الفقيه بل جزءاً منها، تماماً كما ينصّ مشروع “حزب الله”!

هم يُدمّرون وسط بيروت لأنها لا تُشبِههم، وليس لأنّها لم تكن لهم كفُقراء، ففي الأساس لا علاقة لـ”شباب الضاحية” بوسط بيروت، ولم يملكوا فيها متراً مربعاً واحداً في أي يوم. جُلّ ما يُريدونه، هو مُصادرة قرارها المالي، بعدما صادروا قرارها السياسي والأمني، وتمهيداً لإلحاقها شكلاً وقالباً وروحاً بعواصم مِحور المُمانعة البائسة.

همُ يُهاجمون يومياً حاكم مصرف لبنان والقِطاع المصرفي لتدميره، ليجعلوا لبنان يتشبّه بدول مثل إيران وسوريا وفنزويلا، دول يائسة معزولة عن النظام العالمي وعن الحضارة العالمية. يسعون لتجفيف آخر دولار من الإحتياطي في لبنان، ليجعلوا شعبه يتسوّل على قارِعة العالم، فيُصبح شعباً خاضعاً مُخدّراً، باحثاً عمّا يسدّ به جوع بطنه ولو اضطرّ بناء عليه ليسدّ فمه فيخسر حريته وكرامته، تماماً كشعوب دول محور الممانعة!

يُشكّكون يومياً بقدرات الجيش اللبناني لأنهم يريدونه “جيشاً ثانياً” تماماً كما هي الحال في إيران، حيث الأولوية لـ”الحرس الثوري” وليس للجيش الإيراني. هكذا يُهوّلون دائماً بالفتنة ليحيّدوا الجيش ويُظهروه في موقع العاجز، ما بات يُهدّد بقطع المساعدات الدولية عنه!

وفي هذا السياق، لا يعود غريباً أن يبنوا المرحلة اللاحقة على مُهاجمة نمط الحياة والحريات في كل المناطق اللبنانية، كما فعلوا أخيراً في عربصاليم حيث استفزهم “مايوه وقنّينة بيرة”، وكما كانوا يتصرّفون في عدد من مناطق سيطرتهم في الجنوب وعلى أطراف الضاحية وغيرها. فما الذي يمنعهم من المطالبة غداً بوقف بيع المشروبات الروحية في كل المناطق اللبنانية، أو منع النزول إلى البحر بثياب السباحة في كل لبنان، تحت شعار أن هذه الثقافة لا تُشبِههم؟

باختصار، نعم نحن اللبنانيين بكل طوائفنا وألواننا لا نُشبِههم، لا نُشبه مؤيّدي مشروع ولاية الفقيه. نحن نؤمن بلبنان أولاً، لبنان الدولة القوية والسيّدة والحرّة التي تحتكر السلاح، ولا يُفاخر باحتلالها “حرس ثوري” من هنا و”سرايا مقاومة” من هناك. نحن نؤمن بثقافة الحياة ولا نقبل بخوض حروب الآخرين، من سوريا إلى اليمن وما بينهما. نحن نُريد نظام الحريات السياسية والإقتصادية، ونُريد قطاعاً مصرفياً يربطنا بكل العالم. نُريد أن يكون لبنان في الحضن العربي لا في المحور الإيراني، ونُريد أفضل العلاقات مع الغرب الذي نتفاعل وثقافاته، ونرفض أن نكون على عداوة معه، ولا شيطان أكبر بالنسبة إليه سوى من يسعى لتدمير وطننا!

“حزب الله” أعلن عملياً الحرب على روح لبنان وجوهره، خِدمة للمشروع الإيراني في المنطقة، ومن ضمنه السعي لإبقاء نظام بشار الأسد على قيد الحياة ولو على حساب حياة اللبنانيين ولقمة عيشهم. لكنّنا كلبنانيين، لم ولن نستسلم يوماً، وسنبقى بالمرصاد… فاقتضى التوضيح!