أعلن رئيس الحكومة حسان دياب “بدء الحرب على الفساد”، وقال: “هذه معركة طويلة وستكون صعبة وسنتعرض فيها لاتهامات وتخوين وشتائم وحملات سياسية. ماشي الحال، تعودنا عليها من أول يوم تم فيه تكليفي بتأليف الحكومة. سيحاول الفاسدون حماية أنفسهم بالعباءات السياسية والطائفية والمذهبية والمناطقية والعائلية. كل هذا لن يوقفنا عن متابعة هذه المعركة. سنقاتل فيها للآخر. اللبنانيون معنا في هذه المعركة”، مضيفًا: “العالم كله يشترط على لبنان أن نكافح الفساد حتى يساعدنا. في الوضع الحالي، نحن متهمون أننا لم ننجز شيئا فعليا. لكن هذا الموضوع صار على الطاولة، أولوية الأولويات عند الحكومة”.
وأضاف، خلال اجتماع لهيئات أجهزة الرقابة: “أردت أن أجتمع معكم اليوم حتى أؤكد مسلمات أساسية، أولاها أن الدولة لا يكتمل مفهومها من دون رقابة على أعمالها. دستوريا، السلطة التنفيذية يراقبها الشعب من خلال مجلس النواب، ويحاسبها، ويعطيها ثقته أو يحجبها عنها. الإدارة عندها أكثر من جهة رقابية، بحسب الاختصاص. أنتم الجهة المعنية بمراقبة إدارة الدولة، سواء على مستوى الأداء العام، أو على مستوى أداء الموظفين. بهذا المعنى، يصبح مستوى أداء إدارة الدولة اللبنانية مرتبط أساسا بدوركم وحجمه وفاعليته وتأثيره، وعدم تأثره بالمداخلات التي يمكن أن تعطل دوركم كهيئات رقابة”.
وتابع: “أنا أعرف أن لديكم ملفات كثيرة، وأعرف أن هناك ملفات عالقة منذ سنوات طويلة. وهذه إساءة لدوركم ولشخصيتكم المستقلة كمؤسسات أنشئت لتقوم بمراقبة ومحاسبة الموظفين. الرشوة والفساد وعدم الانتاجية والفوضى، كلها عناوين أنتم معنيون بملاحقتها. ما يحصل، أن الأجهزة الأمنية تلاحق ملفات بالإدارة. هل يا ترى يستطيع الإعلام تحريك ملف فساد في الإدارة، مع أن الملف يفترض أن يتحرك بشكل طبيعي عبر هيئات الرقابة قبل الإعلام. لماذا هذا التداخل؟ هل هو بسبب تقاعس هيئات الرقابة؟ أم أنه بسبب عدم فاعلية هذه الهيئات؟ أو أن هناك مداخلات سياسية تعطل دورها؟ هذا الموضوع أساسي اليوم بالنسبة للحكومة. لا يجوز أن تبقى إدارة الدولة بهذا الوضع”.
وأشار إلى أنه “هناك أحاديث كثيرة عن صفقات وسمسرات وهدر واستهتار واهتراء بإدارة الدولة. من يفترض أنه معني بمعالجة هذه الاتهامات؟ يلاحقها، ويؤكدها، ويصدر قرارات فيها، أو ينفيها حتى؟ الفساد تسبب بوصول البلد إلى حالة الانهيار، انهيار أخلاقي وتسيب وغياب محاسبة، سمحت كلها بفساد مالي صار متجذرا وجزءا من تكوين الدولة اللبنانية. منظومة الفساد صارت أقوى من الدولة نفسها. مافيات سرقت البلد، وتسللت إلى الإدارة وصارت تتحكم فيها، بالرشوة والصفقات والسمسرات، وربما أمسكت هذه المافيات ببعض الإدارات مباشرة”.
وقال: “نحن اليوم أمام واقع فساد مستشر في البلد. في الإدارة اللبنانية، في البلديات، في المؤسسات العامة والمصالح المشتركة، في مرافق الدولة، في مختلف القطاعات. هذا واقع مؤلم جدا. بالنتيجة وصلنا إلى هنا، ووقع البلد، نتيجة دولة الفساد داخل الدولة”.
وأشار إلى أننا “نحن أقوياء جدا بالحق والدفاع عن الدولة ومصالحها وحماية الناس وبناء مستقبلهم، واستعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم. هذه المعركة تعني كل شخص يحب وطنه، ويجب أن نخوضها كلنا معا بإصرار، وعزيمة، وجرأة. لا مجال للتردد أو الخوف. الرهان على دوركم كهيئات رقابة، كبير جدا. عندكم ملفات كثيرة، مطلوب منكم اليوم أن تضعوها على الطاولة وتقفلوا هواتفكم، وألا تسمعوا إلا صوت ضميركم، وصوت الناس الذين لم يعودوا قادرين على تحمل حالة الفساد التي صارت هي القاعدة بالبلد، وليست الحالة الشاذة. مطلوب ترشيق الإدارة، وتنظيفها، وتأمين خدمة المواطنين بأفضل الشروط الممكنة. الإدارة هي لخدمة المواطنين، وليس العكس. رواتب الموظفين هي من الرسوم والضرائب التي يدفعها المواطنون. بكل جرأة وبكل فخر أقول: الحكومة تعمل عند اللبنانيين، وليس اللبنانيون هم الذين يعملون عندها. هذا المعيار يجب أن يكون واضحا للجميع. وانطلاقا من هذا المعيار، على موظفي الإدارة، في كل مكتب للدولة، خدمة المواطنين بابتسامة عريضة، وحماس، ومسؤولية، ومن دون منة. أطمئنكم أنه لن يوقفنا شيء عن خوض هذه المعركة. سنتابعها يوميا، ونسأل عن كل الملفات”.
وختم: “المطلوب منكم تحريك الملفات التي لديكم، بأسرع وقت. أنا متأكد أنه سيكون عندكم عمل كثير، وستتعبون كثيرا، وستتعرضون لضغوط كبيرة، لكن هذه مسؤولية وطنية نتحملها كلنا، وأنتم يجب أن تكونوا رأس حربة فيها. وأنا معكم”.
ثم جرى النقاش حول ترشيق الإدارة وسبل التعاون بين مختلف الوزارات وأجهزة الرقابة للحد من الفساد والبت في الملفات العالقة. كما عرضت هيئات أجهزة الرقابة المعوقات التي تواجهها وكيفية التوصل إلى حلول لها بهدف تفعيل دور أجهزة الرقابة التي تعتبر من أسس مكافحة الفساد في لبنان.