على الرغم من القرارات التي صدرت منذ نحو شهر عن مجلس الوزراء بناءً على انهاءات من المجلس الاعلى للدفاع، بشأن منع التهريب واقفال المعابر غير الشرعية وتفعيل العمل الجمركي، تبين ان الامور ما زالت تراوح مكانها.
وما تكشّف من مداولات المجلس الاعلى للدفاع امس، استناداً الى مصدر وزاري، يظهر حجم “الكارثة التي ما زال لبنان يقبع تحتها جراء استمرار عمليات التهريب والتي بدل ان تتراجع تزايدت وتيرتها، اذ تبين بالارقام وبالمقارنة مع الاستهلاك لذات الفترة من السنة الماضية ان النسبة ارتفعت ليس الى الضعف انما تجاوزت الخمسة اضعاف، مما يعني تكبد الخزينة خسائر فادحة جراء عمليات التهريب او التخزين بغرض التحكم بالسوق او البيع بأسعار مرتفعة في اوقات الحاجة المرتفعة، اي في فصلي الخريف والشتاء المقبلين.
واوضح المصدر ان “الموضوع الآخر الذي استحوذ على مداولات مطولة هو الاعمال التخريبية والتحريض الطائفي والمذهبي، التي رافقت الحراك في الاسبوع المنصرم، بحيث قدمت الاجهزة العسكرية والامنية تقارير تفصيلية مدعّمة بالصور والاسماء عن الاشخاص ومناطق قدومهم والجهات الداخلية والخارجية التي تقف وراءهم، وبرز رأي وازن داخل المجلس بضرورة الذهاب الى الضرب بيد من حديد مصحوبة باستنفار قضائي، لان لا امن بالتراضي، وكل من يثبت تورطه فاعلاً او ممولاً او محرضاً يتابع ويلاحق ويتم توقيفه ويُجلب الى القضاء”.
وكشف المصدر عن ان “النقاش تركّز على ان الاجهزة العسكرية والامنية تحتاج الى غطاء سياسي وقضائي للقيام بعمليات توقيف اساسية، اذ انه لا يمكن توقيف ممول او محرض من دون غطاء سياسي واذن قضائي، فكان وعد من رئيس الحكومة بتوفير كل الضمانات في هذا الاطار، خصوصاً انه بناء على التقارير التي عرضت ظهر بما لا يدع مجالاً للشك من يقف وراء حرف الحراك عن مساره السلمي والمطلبي، واخذه الى عملية تصفية حسابات سياسية داخلية وحتى اقليمية”.
وفي المداولات، ان الرئيس ميشال عون استهل الاجتماع بالإشارة الى احداث الشغب التي حصلت في عدد من المناطق، لا سيما بيروت وطرابلس والتي اخذ بعضها طابعاً طائفياً، اضافة الى استهداف القوى العسكرية والأمنية بالاعتداء المباشر.
وقال ان “مثل هذه الاحداث سببت استياء واسعاً، الامر الذي يفرض اتخاذ إجراءات متشددة لمنع تكرارها إضافة الى القيام بحملة توقيفات تشمل المخططين والمحرضين والمنفذين على حد سواء. ولن يكون من المسموح بعد اليوم تجدد مثل هذه الاعمال التخريبية التي تؤثر على هيبة الدولة ما ينذر بمضاعفات خطيرة”.
وجدد الدعوة الى العمليات الاستباقية لتفادي تكرار ما حصل من فلتان وتعد على الأملاك العامة والخاصة واحراقها.
ودان الاعتداء على القوات العسكرية والأمنية، منوهاً بالجهود التي تبذلها هذه القوى في مواجهة اعمال الشغب.
وتحدث الرئيس حسان دياب فاعتبر “ان ما يحصل في البلد غير طبيعي. واضح أن هناك قراراً في مكان ما، داخلي أو خارجي، أو ربما الإثنين معاً للعبث بالسلم الأهلي، وتهديد الاستقرار الأمني”.
وقال: “ما يحصل يحمل رسائل كثيرة وخطيرة، ولم يعد مقبولاً أن يبقى الفاعل مجهولاً، وأن لا يكون هناك موقوفون من الممولين والمحرضين والمنفّذين: هذه لعبة خطيرة جداً، ويجب وضع حدّ لهذا الأمر. تخريب وتدمير واستقواء على الجيش والقوى الأمنية واعتداء على مؤسسات الدولة” .
واضاف: “ماذا يحصل؟ الناس تسأل عن غياب الدولة. أعرف أن الأجهزة العسكرية والأمنية تتعرّض لضغط كبير، وأعرف أن هناك إصابات كثيرة في صفوفها. لكن الاستمرار بالوضع الحالي لم يعد مقبولاً. زعران يستبيحون الشوارع ويدمرون البلد ومؤسساته، والدولة تتفرّج؟ لماذا؟ هذه ليست احتجاجات ضد الجوع والوضع الاقتصادي. هذه عملية تخريب منظّمة. من هنا، يجب ان يكون هناك قرار حاسم وحازم، بالتصدي لهذه الحالة التي تتزايد وتنتقل من منطقة إلى منطقة”.
وقال: “يجب توقيف الذين يحرضون والذين يدفعون لهم والذين يديرونهم، من الداخل والخارج. وإذا لم نفعل ذلك، سوف تخسر الدولة نفسها وهيبتها، وستتفلت الأمور من أيدينا جميعاً ويذهب البلد الى مكان مجهول. فلنتصرف بسرعة”.
اما في القرارات، فانه وبعد عرض الأوضاع والاحداث والتطورات الأمنية الميدانية من قبل قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية تقرر تكثيف التنسيق والتعاون بين هذه الأجهزة وتبادل المعلومات في ما بينها لتفادي أي اعمال تخريبية تحت حجة مطالب معيشية محقة والتشدد بعدم التساهل مع المخلين بالامن والنظام.
كما تطرق المجلس الى الكميات المستهلكة من المحروقات في السوق المحلي وسبل معالجة الخلل بين الطلب والعرض وتم تكليف وزراء المالية والطاقة والمياه والاقتصاد والتجارة رفع الاقتراح اللازم الى مجلس الوزراء.