على عكس ما قد يكون رئيس الجمهورية ميشال عون أمل من مبادرته الحوارية، فإن ما في المشهد المحلي يشي بأن كما في الحوار الاقتصادي الذي هدف إلى شرح خطة الحكومة قبيل انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فإن الطاولة الحوارية الجامعة قد تفتقد في 25 حزيران الجاري أبرز الوجوه المعارضة وتلك المناوئة للنهج السياسي الذي يسير بهديه الحكم والحكومة.
ذلك أن في خضم التصعيد الميداني الخطير الذي سجله الشارع في الأيام الأخيرة، معطوفا على الفقر والجوع والارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، حاول رئيس الجمهورية الدخول مباشرة على خط المعالجات لتأكيد كونه “بي الكل”، وعراب انطلاق الحلول، فإن غموضا كثيفا يغلف جدول أعمال الحوار ويجعل المعارضين يتريثون في حسم الموقف سلبا أو ايجابا.
وفي السياق، أشارت مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” إلى أن المعطيات المتجمعة منذ انطلاق القطار الحواري عصر أمس، تفيد بأن عرابي العهد الحكومة كالتيار الوطني الحر والثنائي الشيعي، لن يكونوا كافيين وحدهم لتأمين الغطاء الوطني الشامل الذي يسعى إليه عون من خلال هذه المبادرة. بدليل أن نص الدعوة الذي سرب أمس إلى الاعلام شدد على ضرورة توحيد الموقف الوطني وتأمين وحدة الصف في هذه المرحلة من تاريخ لبنان.
على أي حال، فإن هذه التحليلات لا تنفي التوقعات في شأن حضور رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ممثلا حزب الله، العراب الأول للحكومة التي سيحضر رئيسها حسان دياب الاجتماع بطبيعة الحال، فيما يمثل الرئيس نبيه بري حركة أمل، ورئاسة المجلس، مع العلم أن نائبه ايلي الفرزلي سيحل للمرة الأولى ضيفا على الطاولة الحوارية. وفي السياق، لا يخفي المراقبون استغرابهم دعوة الفرزلي، مذكرين بأنه كان أول من أطلق تصريحات مناوئة للحكومة، واعتبرها البعض أول غيث الاجهاز عليها من جانب داعميها أولا. كل هذا يجعل الأنظار تتجه أولا إلى المعارضة التي يبدو أن أقطابها ينتظرون الدعوة الرسمية وجدول أعمال الجلسة ليبنوا على الشيء مقتضاه.
وقد علمت “المركزية” في هذا السياق أن الرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان لم يتسلما بعد دعوة رسمية إلى المشاركة في الاجتماع، وهما ينتظران جدول الأعمال لحسم خيارهما. أما في ما يخص الرئيس اميل لحود، فإن علامات استفهام لا تزال تحوم حول حضوره، فيما تدل التجارب السابقة إلى أنه لم يلب يوما دعوة وجهت إليه من القصر الجمهوري منذ انتهاء عهده عام 2007.
الموقف نفسه يبدو أن صداه يتردد في أروقة بيت الكتائب المركزي في الصيفي، حيث التريث سيد الموقف في انتظار تبلغ رئيس الحزب النائب سامي الجميل الدعوة إلى حضور الاجتماع، مع العلم أنه قاطع الاجتماع السابق الذي خصص لبحث خطة الانقاذ الحكومية. وفيما يلفت بعض المراقبين إلى أن النائب نديم الجميل كان أطلق قبل أيام موقفا لافتا عارض فيه كل حوار لا يشمل سلاح حزب الله، يدعو بعض آخر إلى انتظار المؤتمر الصحافي الذي يعقده رئيس الكتائب عصرا في الصيفي، عله يضع النقاط على الحروف.
أما على الضفة القواتية، وفي وقت تفرد رئيس الحزب سمير جعجع في التغريد خارج سرب المعارضة، والمشاركة في الحوار الاقتصادي في 6 أيار الفائت على اعتبار أن أزمات الناس الحياتية تجعل الوضع الاقتصادي وسبل معالجته أولوية معراب المطلقة، لا يستبعد كثيرون أن يتلقى الحوار الوطني ضربة مقاطعة قواتية من باب العلاقات المقطوعة تماما بين معراب وثنائي بعبدا- ميرنا الشالوحي، معطوفة على الانتقادات القوية التي يوجهها جعجع إلى الحكومة، ما يجعل مستغربة أي محاولة لتعويم فريق الرئيس دياب بعد التصعيد الخطير الذي سجل في الشارع أخيرا.
على أن العين سترصد أولا موقف تيار المستقبل، صاحب العلاقات المقطوعة والكيمياء المعدومة مع رئيس الجمهورية، من جهة كما مع زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي لا يوفر مناسبة إلا ويطلق فيها السهام القاسية في اتجاه الطرفين، ما يدفع إلى استبعاد خيار حضوره جلسة 25 حزيران الحوارية. وعلم في هذا الاطار أن كتلة المستقبل بحثت هذا الأمر في اجتماعها الدوري أمس.
غير أن أهمية القرار الأزرق تكمن في أنه قد ينعكس على قرار رؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة، تمام سلام ونجيب ميقاتي، الذين اجتمعوا في منزل ميقاتي وأطلقوا مواقف عالية النبرة لم تخل من الانتقادات للعهد.
وكما الحريري، يترقب الجميع قرار زعيم المردة سليمان فرنجية الذي فتح الحرب على العهد في 11 أيار الفائت، وقاطع الحوار الأخير في بعبدا، مع العلم أن كلاما يدور في الكواليس عن لقاء قد يجمعه في الأيام المقبلة مع الرئيس بري، عله يقوده إلى بعبدا.