IMLebanon

ضخ القرارات السياسية الجريئة باب الانقاذ لا الدولارات

اعتبرت مصادر اقتصادية ومصرفية مسؤولة أن المعالجات الحقيقية للأزمة المالية والنقدية في لبنان تتطلب قرارات سياسية جريئة بمستوى التحديات، تعالج أسباب الأزمة، مشيرة الى أن “المسكّنات التقنية” التي يعمل عليها مصرف لبنان وجمعية المصارف لا يمكن أن تشكل الحل المنشود، وأن أقصى ما يمكن أن تحققه في الحد من الخسائر وتأخير سرعة الانهيار ليس إلا!

وقالت لـ “المركزية” أن قرار الحكومة الطلب من مصرف لبنان ضخ بضعة ملايين من الدولارات يوميا في الأسواق من خلال الصرافين، (حوالى 4 ملايين دولار كمعدل وسطي) لا يعدو كونه محاولة ملء سلة بالمياه. فالمطلوب ليس قيام مصرف لبنان بضخ الدولارات في الأسواق، إنما مبادرة الحكومة، صاحبة الصلاحيات والواجبات الدستورية بضخ كميات من القرارات السياسية في مجالات السياسات الداخلية والخارجية والأمنية والدفاعية بما من شأنه إعادة لبنان الى قائمة الدول العاملة تحت سقف الشرعيتين العربية والدولية، وبالتالي إعادة لبنان الى الخارطة الاقتصادية العالمية.

ورأت المصادر أن الحلول لا يمكن أن تكون من خلال التخبط الحكومي في المواقف والقرارات. فالحكومة التي انطلقت في عملها على قاعدة مهاجمة مصرف لبنان واتهامه بالتسبب بخسائر فادحة من خلال تدخله في الأسواق على مدى سنوات طويلة لضمان استقرار وثبات سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، عادت واتخذت قرارا واضحا وصريحا بالطلب من مصرف لبنان التدخل في الأسواق وضخ الدولار من احتياطاته لوقف انهيار سعر صرف الليرة. والحكومة التي اتخذت في خطتها الاقتصادية قرارا واضحا بتحرير سعر صرف الليرة اللبنانية، عادت واتخذت قرارا طلبت فيه من مصرف لبنان التدخل لضبط سعر صرف الليرة مقابل الدولار. والحكومة التي قررت الامتناع عن دفع ديونها المستحقة من دون اي اتفاق او تفاهم مع الدائنين بحجة الحفاظ على احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وعدم استنفادها من أجل تأمين حاجات لبنان الأساسية والاستراتيجية (محروقات – قمح – دواء الخ…) عادت وطلبت من مصرف لبنان استخدام قسم من أمواله لدعم سعر صرف الليرة…

ورأت المصادر في هذه القرارات الحكومية غياباً كاملاً للمهنية، وتخبطاً سياسياً واضحاً، وإرباكاً لا يبشر بالخير، وتناقضات تعكس غياب المرجعية الحقيقية، وافتقاداً للكفاءة المطلوبة في هذه المرحلة أكثر من أي يوم مضى.

وختمت: مشكلة لبنان هي مشكلة تموضع جيو سياسي، ومشكلة خيارات اقتصادية استراتيجية تكون ترجمة لخيارات سياسية استراتيجية على المستويات الإقليمية والدولية، وليست مجرد مشكلة دولارات يمكن حلها ببعض التدابير التقنية المحلية المتعلقة بضبط الأسواق مالياً ونقدياً وأمنياً. وما لم تتم مقاربة المعالجات الاقتصادية والمالية والنقدية من هذه الزاوية، فعبثاً البحث عن حلول ناجعة وناجحة!