دخل أمس قانون «قيصر» المتضمن عقوبات أميركية على النظام السوري وكل من يتعاون معه حيز التنفيذ، وفي الوقت الذي تراهن فيه واشنطن على القانون لتسديد ضربات اقتصادية موجعة لنظام بشار الاسد، سارعت رئاسة الجمهورية في لبنان الى دعوة رؤساء الجمهورية والحكومات السابقين وكل من رئيس مجلس النواب ونائبه إضافة الى رئيس الحكومة ورؤساء الكتل النيابية والأحزاب الى لقاء تشاوري في بعبدا يوم 25 الجاري، في محاولة لاستيعاب انعكاسات القانون وتداعياته على الساحة اللبنانية.
وأكد مصدر سياسي رفيع المستوى ومطلع على مجريات تطبيق قانون قيصر، أن الولايات المتحدة تنوي الانسحاب نهائيا من الاراضي السورية، إلا ان ساعة الصفر لن تبصر النور قبل ان تطمئن واشنطن الى ان امن الدولة العبرية سيكون مصانا بعد انكفائها، وذلك بالتوافق والتعاون مع موسكو التي باتت علاقتها بكل من سورية وإيران مهتزة، الامر الذي من اجل تحقيقه كجزء من المخطط تسعى واشنطن لاضافة بند ترسيم الحدود بين لبنان من جهة وكل من اسرائيل وسورية من جهة ثانية على القرار 1701، وذلك كشرط غير مكتوب وغير معلن لحصول لبنان على مساعدات صندوق النقد الدولي وعلى اموال مؤتمر سيدر وللسماح له باستخراج الغاز والبترول من مياهه الاقليمية.
وقال المصدر انه يمكن للبنان ان يستفيد من قانون قيصر خصوصا لجهة منع تهريب المازوت والطحين والمواد الغذائية والاولية والعملة الخضراء الى سورية، لاسيما أن العقوبات لن تستهدف الدولة اللبنانية ككيان مستقل بقدر ما ستطول احزابا وأفرادا متعاونة مع النظام السوري ومؤيدة له كحزب الله بالدرجة الاولى وبعض الشخصيات التي تسبح في فلك النظام بالدرجة الثانية، مؤكدا، ردا على سؤال أن الرئيس نبيه بري «يلعبها صولد» وهو بالتالي أذكى من ان يقع في شرك قانون قيصر لاسيما ان الادارة الاميركية ترغب بتحييده عن دائرة العقوبات، أولا ليقينها بأن علاقة الاخير بحزب الله وبالرغم من الغزل المقنع بينهما، تقف على حد السيف وأصبحت قاب قوسين من السقوط، وثانيا بسبب حرصها على دور حلفائها داخل المنظومة النيابية في لبنان، فيما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يؤكد المصدر، انه بدأ بالتراجع تدريجيا عن التعاون تحت الطاولة مع المسؤولين السوريين، علما أن سورية لا تعتبره حيثية سياسية فاعلة وقادرة على تأمين مصالحها، وتتعامل معه بالتالي على انه مجرد غطاء مسيحي لأجندة حزب الله في لبنان، لا أكثر ولا اقل.
ولفت المصدر في السياق عينه الى انه حتى الشركات اللبنانية التي كانت تتحضر فنيا للانضمام الى عملية اعادة اعمار سورية، بدأت بتنظيم حسابات التراجع عن خوض هذا المعترك تحسبا من اسقاط العقوبات عليها.
وختم المصدر مؤكدا ان كل ما تشهده الساحة اللبنانية من مصالحات بين اخصام ومن لقاءات لتفادي تداعيات قانون قيصر وتحديدا لقاء بعبدا المفترض انعقاده في 25 من الشهر الجاري، لن تتعدى نتائجها عتبة تبريد الاجواء واسقاط عوامل الصدام بين الشوارع، جازما بأن الحكومة الحالية باقية دون أي تعديل، خصوصا أن الاميركيين والأوروبيين متيقنين من ان استقالتها ستؤول الى تعميم الفوضى في لبنان ويعتبرون حسان دياب الاقوى سياسيا في المعادلة اللبنانية بسبب عدم وجود بديل عنه أقله في المرحلة الراهنة.