وصفت مصادر اقتصادية ومصرفية واسعة الإطلاع ما كشفته خلاصة عمل لجنة تقصي الحقائق النيابية بالنسبة الى رقم الخسائر التي تكبدها لبنان بـ”الفضيحة المدوية” التي لا يجوز أن تمرّ من دون حسيب أو رقيب. وقالت لـ”المركزية” بالاستناد الى المعلومات التي تسربت، أن الخسائر التي حددتها الخطة الاقتصادية للحكومة بـ240 الف مليار ليرة لبنانية، باتت بعد مراجعة لجنة تقصي الحقائق النيابية 80 الف مليار ليرة ، أي ما نسبته ثلث الأرقام الحكومية. وبالتالي فإن الحكومة تكون استندت في خطتها الى مبلغ يوازي ثلاثة أضعاف الرقم الذي خلصت اليه اللجنة النيابية بمشاركة من مصرف لبنان وجمعية المصارف ووزير المال غازي وزني الذي لم يعترض، لا بل اعتبر ما توصلت اليه اللجنة رقما مفيدا.
وتساءلت المصادر: هل يجوز بعد هذه “الفضيحة” أن تمر الأمور بدون محاسبة؟ فالحكومة التي كانت تهدد بإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتتهمه بإخفاء الأرقام والتلاعب بها، تبيّن أنها تلاعبت بالأرقام، وفي أحسن الأحوال، وفي حال حسن النية، تبيّن أنها لا تتحلى بالكفاءة والخبرة المطلوبتين لإدارة المرحلة بدءاً بتحديد المشكلة وانتهاء بوضع الحلول وإدارتها. فإذا كانت الحكومة وضعت أرقامها للانتقام من بعض الأشخاص والمواقع وتصفية الحسابات ووضع يد جهات سياسية وحزبية معينة على مواقع القرار النقدي والمالي، فهذه مصيبة. وإذا كانت أخطأت فإن خطأها كان سيكلف لبنان قطاعه المصرفي واقتصاده وعملته الوطنية وصدقيته وحاضره ومستقبله ومستقبل أجياله. فبأية صدقية وجدية ستتعاطى الحكومة بعد الآن مع المؤسسات المالية الدولية؟ وأي ثقة بقي لها وللبنان نتيجة للتهوّر، والسير في ركاب العاملين على تغيير وجه لبنان الاقتصادي من خلال إلحاقه بمحاور سياسية إقليمية تواجه الدول العربية والعالم سياسيا وامنيا وعسكريا؟
واعتبرت أن بعد تطورات الأيام القليلة الماضية تبيّن أن المطلوب للحل، ليس إقالة حاكم مصرف لبنان بل إقالة المسؤولين عن هذه الفضيحة في الحكومة ، وأن المشكلة ليست في عدم مهنية رياض سلامة بل في المراهقة السياسية لبعض المستشارين، وأن التلاعب بالارقام لم يقم به المصرف المركزي بل الجهات الحكومية. كما تبين أن المطلوب ليس تحميل المصارف مسؤولية الانهيار الاقتصادي، بل الحكومة االتي غطت مسؤوليات الحكومات السابقة من خلال رمي الكرة في ملعب المصرف المركزي والمصارف.
وأوضحت: تبيّن أن الحكومة ليست سوى واجهة لمنظومة سياسية تسببت من خلال صفقاتها وسمسراتها ومحاصصاتها في قطاعات الكهرباء والتلزيمات والنفايات والتهريب والتهرب الضريبي واستباحة الخزينة العامة والتوظيفات وغيرها بتراكم الديون، وعوض أن تعمل الحكومة الحالية على الإصلاح الحقيقي والفعلي من خلال معالجة المشاكل، عمدت الى تحويل الأنظار عن الحقيقة وتحوير الواقع تسهيلاً للمضي قدماً في السياسات المعتمدة.
وختمت المصادر بالسؤال: ما الهدف من تضخيم حجم الخسائر ثلاثة أضعاف؟ هل الهدف هو الحصول على أرقام أكبر من المساعدات الخارجية لتوزيعها كمغانم سياسية وإغراق لبنان أكثر وأكثر؟ وهل من المنطق التعاطي مع المجتمع الدولي بهذه الخفة ؟ أم أن الهدف هو دفع المجتمع الدولي الى الهروب من مساعدة لبنان من خلال تضخيم الأرقام بما يسمح بالتفلت من الشروط والموجبات الدولية للإصلاح على نحو يطلق العنان لمشروع فصل لبنان نهائيا على المجتمع الدولي بحسب ما دعا اليه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل يومين؟