كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
على وقع مباشرة الاميركيين بتطبيق قانون “قيصر” لمعاقبة النظام في سوريا، والتصريحات الأميركية المتنقلة عبر شاشات التلفزة متوعّدة المتعاونين مع النظام بالويل والثبور، وقبيل انعقاد مؤتمر الحوار في بعبدا في 25 الجاري، وما يجري على الساحة السنية من بيروت الى طرابلس، وجد رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أن زيارة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تتعدى الواجب الاجتماعي الى الواجب الوطني. فحضر ونجله تيمور على رأس وفد نيابي وحزبي في زيارة “تضامن مع رمز الاعتدال اللبناني والسني، ابن الشهيد رفيق الحريري”، حسبما وصفها جنبلاط، مشدداً “على الحوار بالرغم من كل الظروف الصعبة، والطريق طويل، ونحن نعلم أننا مع الشيخ سعد والرئيس نبيه بري وكل المخلصين، سنجتاز هذه الصعوبات بالرغم من كل الصعوبات ولن نفقد الأمل”.
أدلى جنبلاط بدلوه من “بيت الوسط” ومضى الى مزيد من تنسيق في المواقف مع بري، وعده بالمشاركة في حوار بعبدا ولو لم يبحث الموضوع مع الحريري تاركاً له حرية القرار. بالنسبة الى وليد جنبلاط يمثل الحريري “صوت الحوار الهادئ والمنفتح الذي يجب دعمه واحاطته، في مواجهة اصوات التطرف والفتنة التي أخذت تعلو في اليومين الماضيين”. حمل جنبلاط كلمة السر من بري وانطلق في مسعاه معلناً الانفتاح على الحوار. ويسري هذا المبدأ على اجتماع بعبدا في الخامس والعشرين من الجاري حيث ينوي رئيس “الاشتراكي” المشاركة فيه، وهو أمر اتفق عليه مع بري، فيما فضل الحريري التريث في الاجابة. وفي حين فهمت مشاركة الحريري في اجتماع رؤساء الحكومات السابقين، والبيان السلبي الذي نتج عنه على انه قرار بالمقاطعة، كان ثمة من يجزم بمشاركة الحريري ورؤساء الحكومات السابقين في ضوء الجهود التي يبذلها بري في هذا الاتجاه، وهو ما يؤكد عليه تصريح الحريري عقب لقائه جنبلاط، ان المطلوب خروج الحوار بنتيجة ما يعني ضمناً عدم قطع الطريق على الحوار والبعث برسالة الى منظمي الحوار والمعنيين بإنجاحه، ان أحرصوا على ان يخرج الاجتماع بنتيجة على مستوى الأوضاع في البلد.
للاشتراكي رأي يقول إن ثمة استحالة لأن يكمل البلد على المنوال الذي يسير عليه، ويجب على صوت العقل ان يعلو على اي حسابات أخرى وما شهدته بيروت كما طرابلس لم يكن سهلاً، وبلسمة الجراح أضحت ضرورة ملحة وهو ما التقى عليه بري مع جنبلاط منذ لحظة اندلاع الاحداث بتاريخ 6/6، فزار جنبلاط عين التينة ثم التقى الحريري الذي زار بري ايضاً.
حركة مكوكية عرابها بري وجنبلاط ومحورها دعم الحريري ومحاولة تطويق اجواء الفتنة والبلبلة السائدة وتغييب صوت العقل. يلتقي الثلاثة على المآخذ ذاتها تجاه الحكومة والوقت الضائع الذي مر في دراسة الخلل في الارقام الى ان انتهت بالتسليم بأرقام حاكم مصرف لبنان، ما يعني مضيعة للوقت كان البلد بغنى عنها، وهز صورة لبنان امام المجتمع الدولي.
تشير التوقعات الى ان الحريري لن يخذل بري وسيحضر لقاء بعبدا. وفي تصريح أدلى به بعد اللقاء لم يقفل الحريري الباب على مشاركته في الحوار قائلاً: “لسنا ضد الحوار، ولكن في ظل الأزمة والإنهيار الذي نعيشه، لم يعد ينفع الحوار من دون نتائج”. ورداً على سؤال عما شهدته طرابلس ودور لبهاء الحريري بما حصل، قال: “ليس من اليوم يحاولون تشويه صورتها. وسرايا المقاومة لم تقصّر. وآخرون كالمنتدى لم يقصروا، وغيرهم كذلك. وبالنسبة إلينا الغطاء مرفوع عن كل الناس من قبلنا”.
وفي رده على سؤال حول قانون “قيصر” أجاب الحريري: “هل نحن من وضع قانون “قيصر”؟ نسمع دائما من يسألنا عن هذا القانون، فهل نحن من وضعه؟ الكونغرس الأميركي هو من وضع هذا القانون ومجلس الشيوخ الأميركي هو من صدّقه والرئيس الأميركي هو الذي وقّعه”. وتابع: “هناك تداعيات لهذا القانون، ويعود للدولة اللبنانية أن ترى كيف ستتعامل معه كغيره من القوانين التي وضعت سابقاً مثل “أوفاك”، الذي كنا “قدينا قدودنا” وقلنا إننا لا نريد أن ننفذه، ثم عدنا وأقررناه في مجلس النواب ونفذناه، لأنه في نهاية المطاف يجب أن نفهم أن هذا القانون ليس لبنانياً بل أميركياً، وهو يطبق على الصينيين والروس وأي دولة ستتعامل مع سوريا. لذلك، إذا أردنا أن نغض الطرف عنه، فنستطيع ذلك، لكن إذا أراد لبنان أن يتحمل هذه النتائج، فعلى من تخطى هذا القانون أن يتحمل العواقب”.
من ناحيته، أكد جنبلاط مشاركته في حوار بعبدا نافياً ان يكون حاول إقناع الحريري، مؤكداً ان الهدف من الزيارة “فقط التضامن مع الرئيس الحريري وما ومَن يمثل”.