كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:
في قانون المخاتير والمجالس الاختيارية مادّة تنص على أنّه «إذا شغر مركز عضو اختياري في أي وقت كان، يُعين وزير الداخلية لمركزه الشخص الذي يكون قد نال في الانتخاب الاختياري الأخير أكبر عدد من الأصوات بعد الأعضاء الاختياريين المنتخبين». لكن المشرّع لم يتنبّه، يومها، إلى «الأهمية الاستراتيجية» لموقع المختار في النظام الطائفي اللبناني. فهو لم يلحظ، مثلاً، «المعضلة الكبرى» التي قد تحدث إذا ما وافت المنية مختاراً من طائفة ما، وكان المرشح للحلول مكانه من طائفة أخرى. هذه «حسبة» لم يتنبّه لها المشرّع اللبناني، وعلى الأرجح لم يكن ليتنبّه اليها أي مشرّع مهما بلغت «فطنته»… لكن «الأزمات الكبرى» من هذا النوع تحدث، لا بل حدثت بالفعل. فمنذ أكثر من سنة، توفي مختار محلة زقاق البلاط في بيروت سمير الشريف. وبما أنّ القانون ينص على اختيار أوّل الخاسرين في الانتخابات الاختيارية لملء المنصب، كان مفترضاً وفق الأرقام التي حقّقها المرشحون في الانتخابات الأخيرة أن تؤول «المخترة» إلى رشيد بيضون لولا أن «الأقدار» شاءت أن يكون الشريف سنياً وبيضون شيعياً!
بعد وفاة الشريف، مطلع عام 2019، وافق وزير الداخلية آنذاك نهاد المشنوق على تعيين بيضون في المركز الشاغر، وأحال الطلب إلى مركز المحافظة، قبل أن تخلفه وزيرة الداخلية ريا الحسن وتوقف القرار بناء على عدم موافقة الرئيس سعد الحريري بسبب «التوازن الطائفي». إذ أن ذهاب المخترة الى بيضون يرفع عدد المخاتير الشيعة في المحلة إلى خمسة، في مقابل ثلاثة مخاتير سنة ما يثير حساسيات طائفية! الأمر نفسه ينطبق على المركز الاختياري في محلة المزرعة الذي شغر قبل نحو شهرين بوفاة المختار الأرثوذوكسي نقولا رزوق ولم يشغل أحد منصبه لكون أول الخاسرين من الطائفة السنية.
على خطى الحسن، يسير وزير الداخلية الحالي محمد فهمي الذي تقول مصادره إنّ «العرف يفرض تعيين مختار من الطائفة نفسها»… علماً أنّ النص القانوني واضح بعدم اشتراط أن يكون السلف والخلف من الطائفة نفسها، كما أن المختار ينتخبه أبناء المحلّة وليس مختاراً للشيعة أو للسنة أو الارثوذوكس! وزير داخلية سابق أكّد لـ«الأخبار» أنه «يحق لوزير الداخلية إذا ارتأى أنّ التعيين قد يؤدي إلى مشاكل أمنية أن يستنسب إرجاءه، وأنّه غير مُلزم بمهلة معينة».
لكن الشرط الطائفي «بدعة تضرب بالقانون عرض الحائط»، وفق خبير قانوني. إذ أن قانون المخاتير والمجالس الاختيارية الرقم ٤٧ لم يأتِ على ذكر طائفة المختار. كما أن هناك سوابق كثيرة عُين فيها مخاتير من طوائف غير طوائف المخاتير الذين شغرت مراكزهم بالوفاة. ففي عام ٢٠١٨ عُين بموجب قرار صادر عن وزارة الداخلية يحمل الرقم ١٨٩، عبدالرحمن يموت وهو أول الخاسرين في حي ميناء الحصن خلفاً للمختار أنطوان طراد بعدما شغر منصبه بالوفاة. وفي حي الحدادين في طرابلس،عُيِّن محمد دنيه، باعتباره أول الخاسرين، محل المختار المتوفى محمد حامد «بناء على دواعي الخدمة والمصلحة العامة». كما عُيِّن محمود شهاب (سني)، أول الخاسرين في حي رأس بيروت، بديلاً عن المختار المتوفى كمال جرجي ربيز، لإتمام مدة الولاية.