فيما كانت دوائر رئاسة الجمهورية منشغلة بإطلاق القطار الحواري، وصولا إلى محطته النهائية المنتظرة في 25 حزيران الجاري، كان خصوم التيار الوطني الحر وبعبدا وحلفاؤهم يطلقون مواقف نارية، من شأنها أن ترسم معالم المرحلة المقبلة، وفق معادلات جديدة، فيما التصعيد في الشارع على أشده.
ففي وقت خمدت شعلة أحداث 6 حزيران، وما حملته من رسائل “فتنوية”، انتقل الثوار إلى خوض معركة حرية التعبير ضد العهد والمحسوبين عليه. على أن هذا ليس التحدي الوحيد أمام أركان الحكم والحكومة، ذلك أن الأهم يكمن في إنجاح لقاء بعبدا الذي بدأ يتلقى باكرا طعنات إشارات المقاطعة من جانب بعض القوى المعارضة، وحتى بعض المشاركين في الحكومة، كما هي حال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي تقصد أن يغلف قراره النهائي بغموض كثيف لن يزال إلا قبل ساعات على موعد الحوار.
يجري هذا كله في وقت بدا الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمثابة لغم جديد أمام دياب وفريقه، وعهد الرئيس ميشال عون، خصوصا أنه لم ير ضيرا في دعوة لبنان إلى التوجه شرقا، في زمن العقوبات الدولية القاسية على محور الممانعة ورعاته ومموليه، فيما كان رئيس القوات سمير جعجع يعلن للمرة الأولى أن دعمه ترشيح عون للرئاسة كان خطأ. كيف سيتصرف التيار الوطني الحر إزاء كل هذه الملفات التي انفجرت دفعة واحدة في وجه الحكم؟ سؤال من المفترض أن يجيب عنه رئيس التيار جبران باسيل في الكلمة التي يلقيها ظهر غد السبت.
ولكن، في الانتظار، تؤكد مصادر قيادية في “التيار” لـ”المركزية” أن ميرنا الشالوحي تؤيد بطبيعة الحال الخطوة الرئاسية، ما يعني أن مشاركة باسيل في اجتماع الخميس شبه محسومة، معتبرةً أن في المرحلة الراهنة لا بديل من الحوار والتلاقي، خصوصا بعد التصعيد الخطير الذي سجل في الشارع أخيرا، ما أظهر ضرورة مناقشة وضع البلاد بشكل صريح، مشددة على أن من حق رئيس الجمهورية الدعوة إلى هذا النوع من الاجتماعات.
وردا على اتجاه بعض الأطراف إلى الغياب عن الاجتماع، تماما كما تغيبوا عن الحوار الاقتصادي الذي استضافه قصر بعبد في 6 أيار الفائت، تعتبر المصادر أن مفهوم المعارضة في لبنان خاطئ، حيث أن البعض يعتقد أنها تعني المقاطعة، فيما هي ليست كذلك، مشيرا إلى أن الغياب عن هذا الحوار ليس مجرد تسجيل لموقف معين بقدر ما هو دليل إلى تهرب من المسؤولية الوطنية في زمن الأزمات.
وعلى صعيد آخر، وفيما كهرب السجال الأخير بين النائب أنطوان حبشي والوزيرة السابقة ندى بستاني الأجواء مجددا بين التيار والقوات، ترفض المصادر التعليق على ندم جعجع في شأن خياره الرئاسي بعد 3 سنوات على إبرام اتفاق معراب. ولكنها تكتفي بالقول “إننا لا نحسد جعجع على خصومته مع الوزير السابق جبران باسيل والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، فهما خصمان “مش هينين””.
وفيما يؤكد كل من التيار وحزب الله أن علاقتهما في أحسن أحوالها، تفضل المصادر العونية عدم استباق كلمة باسيل غدا، واصفة إياها بالـ”مهمة” على مختلف الصعد، قاذفة في الوقت نفسه كرة الخيارات الاقتصادية في المرحلة المقبلة إلى ملعب الحكومة التي عليها أن تتخذ القرارات في هذه المجالات، مؤكدة أن “إطاحة الحكومة في المرحلة الراهنة مستبعدة لأن لا مصلحة لأحد في ذلك”.