كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
على رغم المكابرة التي يحاول إظهارها بعض الأطراف السياسية التي تستلم مقاليد السلطة وعلى رأسها “حزب الله”، إلّا أن الحكومة تتعامل بجديّة مع قانون “قيصر” لأن “المزح” ممنوع مع الأميركيين في هذه الفترة.
تتابع اللجنة الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء والمختصة بدراسة تداعيات قانون “قيصر”، القيام بمهامها من دون الخروج بموقف علني حتى الساعة من القرار ومدى إلتزام الحكومة اللبنانية به.
وفي السياق، تشير المعلومات إلى أن المباحثات جارية على نار حامية، لكن اللجنة لا تجتمع يومياً، وبالنسبة للإجتماعات السابقة فإن أعضاء اللجنة يركزون على مناقشة الوضع العام وكل ما يحيط بهذا القانون الأميركي وسبل التعامل معه، والنتيجة الأولية التي خرج بها المجتمعون هي أن يتم التعامل معه بـ”القطعة” وكل يوم بيومه، لأنه قرار ليس موجهاً ضد لبنان وحده بل يشمل كل بلدان الجوار السوري والشركات المتعاملة مع سوريا في قضايا حددها “قيصر”، وبالتالي ما ينطبق على العراق وتركيا والأردن ينطبق على لبنان.
ويؤكّد أحد الوزراء المشاركين في لجنة “قيصر” أن القرار المتخذ داخل اللجنة وحتى داخل الحكومة بعدم الخروج بموقف رسمي حالياً، لأن الموضوع ليس “إما أسود أو أبيض”، وبالتالي فإن مقاربة اللجنة تنطلق من حفظ مصالح لبنان مع الولايات المتحدة الأميركية وعدم تضرّر إقتصاده جرّاء العقوبات على سوريا أو فرض عقوبات عليه في حال تمّ خرق “قيصر”.
وتنطلق اللجنة الوزراية في مقاربتها الأخيرة لـ”قيصر” على أنه ليس قراراً دولياً صادراً عن مجلس الأمن ويطال لبنان لكي يخرج لبنان الرسمي بموقف واضح منه، بل إنه قرار أميركي يجب التعامل معه على أنه بات أمراً واقعاً، وبالتالي فإن الحكومة ليست بعيدة عن الأميركيين وهي باتت في حوار مباشر مع السفارة الأميركية، وفي هذا السياق أتى اللقاء الأخير بين عضو اللجنة وزير الخارجية ناصيف حتّي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا حيث جرى التداول بكل ما يحيط بهذا القرار وعرض لبنان لبعض النقاط التي تهمه والتي لا يمكن الإستغناء عنها لأنها تؤثر سلباً على اقتصاده المنهار.
وبما أن مناقشات اللجنة الوزارية وصلت إلى قناعة بأن “قيصر” قانون فضفاض ويحمل التأويل، فلذلك يمكن اللعب على بعض التناقضات فيه والتي تؤمن مصالح لبنان الإقتصادية، لكن في المقابل فإن هذا الغموض في بعض بنوده قد يجلب العقوبات إلى الجهات التي تخرقه، من هنا فإن الحذر واجب والمتابعة يجب أن تكون على طريقة كل ملف بملفه وكل نقطة بنقطتها.
وفي السياق، فإن أبرز نقطتين بحثتهما اللجنة الوزارية وشكلتا مادة للتواصل بين لبنان وواشنطن هما مسألة إستجرار الكهرباء من سوريا ومسألة الترانزيت.
وبما أن الغموض سيّد الموقف، فإن لبنان الرسمي أبلغ واشنطن أنه بحاجة إلى استجرار الكهرباء من سوريا لأنها تسدّ جزءاً من عجزه لأن الجميع يعلم مدى عمق أزمة الكهرباء، وفي حال توقف لبنان عن تأمين جزء من عجزه من دمشق فإن مناطق عديدة في الشمال والبقاع ستغرق في العتمة، وقد يتعرّض لبنان لعقوبات في حال لم تستثنِ واشنطن موضوع إستجرار الطاقة لأن دفع بدل الكهرباء يتم عبر المصرف المركزي السوري، وهذا المصرف تشمله عقوبات “قيصر”.
أما النقطة الثانية والمهمة والتي أثارتها اللجنة الوزارية وتابعها لبنان الرسمي مع واشنطن فهي موضوع “الترانزيت”، حيث أن لا حدود مفتوحة للبنان سوى مع سوريا، والدفع في هذه النقطة يتمّ أيضاً للدولة السورية، وبالتالي فإذا أراد الأميركيون التشدّد فإن لبنان قد يواجه عقوبات.
لا توجد حتى الساعة أجوبة شافية من واشنطن حيال الهواجس اللبنانية وطلب الإستثناءات، لكن الأكيد أن الحكومة اللبنانية باتت على قناعة أن خرق القانون بالنقاط التي تساعد النظام السوري، سيعرّض لبنان لعقوبات لا يمكنه تحملها.