قبل خمسة ايام على لقاء الخميس المقبل الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون تحت عنوان “اللقاء الوطني” تستعجل اوساط سياسية وحزبية نعي اللقاء لمجرد إعتباره مستنسخا عن لقاء 6 ايار الماضي متجاهلة المتغيرات والتبدلات الكبيرة التي شهدتها الأيام الفاصلة بين الموعدين لا سيما تلك المتصلة بالتهديدات الأمنية والسعي الى احياء الفتنة المذهبية.
واذا كان لقاء 6 ايار الذي كان مخصصصا للاوضاع الإقتصادية والنقدية عقد في حضور رئيسي مجلس النواب والحكومة ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية الـ 13 فقد اضيف اليهم في لقاء 25 حزيران المقبل رؤساء الجمهورية والحكومات وشخصيات أخرى بهدف تجاوز ما عد من اخطاء ارتكبت في اللقاء الأخير في الشكل والمضمون. وزد على ذلك التطورات الأمنية الأخيرة في بيروت والضاحية الجنوبية وطرابلس التي هددت باحتمال تجدد الفتنة المذهبية واحياء ذاكرة اللبنانيين تجاه خطوط التماس السابقة وما تركته من اصداء سلبية اذ دفعت باتجاه الدعوة الى اللقاء املا بنصاب كامل لا يمكن التقليل من أهميته ان حصل ذلك. فالمرحلة تقتضي برإي الداعين اليه استنفارا وطنيا جامعا لرفض ما يخطط للبلاد امنيا في ظل أسوأ وضع اقتصادي ونقدي لم يعشه لبنان منذ ولادته الى اليوم وترافق مع أسوا أزمة بيئية وصحية دولية واقليمية نتيجة جائحة الكورونا.
وأضف الى ذلك فان من يخشى فشل اللقاء، حسب معلومات “المركزية” يربط نظريته بعدم وجود اي تبدل سني خصوصا والفريق المعارض عموما من رئيس الجمهورية والتركيبة الحكومية. ورغم احتسابه انتهاء المقاطعة الدرزية هذه المرة، ربما سجل خرق جديد على مستوى رؤساء الجمهوريات السابقين. فلقاء 6 ايار لقي مقاطعة سنية من خارج سنة الحكومة واللقاء التشاوري وانفرد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالحضور الى اللقاء على خلفية اصراره على اعلان موقفه المعارض من منبر بعبدا على عكس المعارضين الآخرين الذين اختاروا منابرهم السياسية والحزبية للاعلان عنها ولكن ذلك لم يعط اللقاء الغاية التي قصدها الداعون اليه ولا سيما على المستوى الاقتصادي. فالخلاف في النظرة الى الإجراءآت النقدية والمالية لم يكن بين موالاة ومعارضة بقدر ما كان بين اهل البيت الحكومي والسلطة بكامل مقوماتها.
وفي مفارقة تعزز التبدل في طريقة التعاطي مع اللقاء كشفت المصادر التي تشارك في التحضيرات للقاء لـ “المركزية” ان رئيس الجمهورية أصر هذه المرة على ضم الملف الامني الى الملف الاقتصادي ليعبر عن مخاوفه من احتمال تجدد الفتنة المذهبية واحياء خطوط التماس القديمة ليضمن مشاركة وطنية اوسع. فالمنطقة تغلي والوضع الداخلي يزداد تأزما وتختلط فيه مختلف العناصر التي تقود الى الانفجار باسبابه الاقتصادية والمعيشية الداخلية كما الإقليمية والدولية والحصار الجديد الذي جاء به “قانون قيصر” يرفع من خطورة المواجهة ويعزز المخاوف إن إتخذت ابعادا امنية جديدة على ساحة المنطقة لم تكن متوقعة من قبل ، فكيف إن غامرت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بإصدار قراراتها الجاهزة لضم أجزاء جديدة من اراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وغور الأردن وما ستكون عليه ردات الفعل على الساحتين اللبنانية والفلسطينية.
عند هذه الإنعطافة التي بررت دعوة رئيس الجمهورية الى اللقاء الجديد مضيفا الهم الإقتصادي الى الأمني يتوقف المعارضون امام مضمونها ليسجلوا موقفا يعزز القطيعة مرة أخرى. ويكشف أحدهم ان دعوة رئيس الجمهورية لتسجيل موقف من الهم الأمني ومخططات الفتنة والتبريرات التي تلتها على المستوى الأمني توجه اتهاما مسبقا الى كل من يرفض دعوته بانه قد يكون من المرحبين بالفتنة المذهبية وهو أمر خطير للغاية يتجاوز الاجماع المحقق من دون هذا اللقاء او ما يشبهه لأي خطوة او حادث يمكن ان يثير الفتنة المذهبية. وباعتقادهم ان الفتنة باتت من ورائنا وان من يحييها ربما ما زال مرتبطا بأمر واحد واول حرف من اسمه “السلاح غير الشرعي” دون غيره وهو امر لا تعالجه المعارضة بقدر ما هو من مهام السلطة الحالية والحكومة التي عليها النظر بمصير هذا السلاح.
وعلى خلفية النقاش حول الهمين الأمني من جهة والاقتصادي – النقدي والمعيشي من جهة أخرى لا ترى مصادر المعارضة اي دافع للمشاركة في هذا اللقاء فقد شبع اللبنانيون “فحوص الدم” من اي احتمال يؤدي الى الفتنة المذهبية اما الهم الإقتصادي فهو من مسؤولية السلطة من اعلى مواقعها الى ادناها وان لم تعدل في إجراءاتها وتضمن تنفيذ ما هو مطلوب من اصلاحات لن نجد اي بصيص نور يؤدي الى الخروج من النفق المظلم والمسؤولية تقع اولا وأخيرا على من احتكر السلطة ومعها التعيينات المالية والادارية وربما توصل مع حلفائه الى مكان احتكر فيه الوطنية ايضا.