Site icon IMLebanon

هل يُعطّل قانون “قيصر” مفاعيل “معاهدة الأخوّة” مع سوريا؟

كتبت ماجدة عازار في “نداء الوطن”:

حقبة جديدة من العلاقات اللبنانية ـ السورية، يفرضها “قانون قيصر”حتماً، ومعاهدة الاخوة والتنسيق بين لبنان وسوريا والاتفاقيات بين البلدين باتت على المحك. هذا ما يؤكّده المراقبون في غمرة القلق من هذا القانون وارتداداته السلبية على لبنان.

ووفق قانونيين، صحيح أن قانون قيصر ليس قانوناً لبنانياً، ولكن لمفاعيله تداعيات على المعاملات اللبنانية ـ السورية. ثم ان هذا القانون لا يُلغي الاتفاقيات والمعاهدات المعقودة بين لبنان وسوريا، حتى لو كان “أحدث عهداً” من تلك المعاهدات. وبالتالي، لا يمكنه ان يلغي الاتفاقيات المعقودة بين البلدين بطريقة من الطرق.

ويقول هؤلاء: في القانون الدولي، الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تبقى سارية المفعول طالما لم تتغير ولم تتبدل الظروف التي أدّت الى توقيعها، وهذه قاعدة كلّية في القانون الدولي العام. وبالتالي، فإن الحدث المتمثّل بتطبيق قانون قيصر يُمكن ان يؤدّي عملياً الى تعطيل مفاعيل المعاهدة اللبنانيةـ السورية، لأنه متى زال الأصل زال الفرع، ومتى زال السبب زالت المفاعيل. أي، بعبارة أخرى، حتى لو قلنا نظرياً ان الاتفاقات اللبنانية ـ السورية تبقى سارية المفعول، لكن عملياً، قانون قيصر يؤدّي الى تعطيل مفاعيلها.

ويشير هؤلاء الى ان العقوبات الأميركية التي يتعرّض لها لبنان والقطاع المصرفي والقطاع الانتاجي بصورة عامة، بل التعامل الحكومي بين لبنان وسوريا، مُهدّد اليوم بطريقة غير مسبوقة على الاطلاق، لأن العقوبات الأميركية، حتى ولو لم تكن الا اميركية نظرياً، الا انها تطاول كلّ من يتعامل بالدولار الأميركي. وهنا، يُطرح السؤال: هل قام الكثيرون من المتحالفين مع “حزب الله” في لبنان بتحويل دولاراتهم الى الـ”Euro”، او الى غيرها من العملات الأجنبية كي يتهرّبوا من العقوبات الاميركية؟ فهذه مشكلة بحد ذاتها.

من هنا تأتي الدعوة الى المشرفين والمطلعين على الاوضاع الاقتصادية “كي يعوا بأنّهم على شفير الهاوية، لأن الكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ في الولايات المتحدة الاميركية، اعطيا الرئيس دونالد ترامب صلاحية مُنفردة الطرف وسلطاناً ادارياً محضاً من اجل النيل من كل من يبدو انه متحالف مع النظام السوري”.

“إلغاء المعاهدة عمل عدائي؟!”

وعلى الضفة الاخرى، تقول مصادر عليمة واكبت مفاوضات إنشاء المعاهدة اللبنانية ـ السورية في معرض تعليقها على من يطالب بالغائها، بأن هذه المعاهدة تحدّث عنها اتفاق الطائف، وهو ميثاق وطني لبناني وينصّ في ثلاث فقرات منه، على علاقات مميزة بين لبنان وسوريا وتنظيمها بموجب اتفاقيات.

وتؤكد المصادر ان المعاهدة المذكورة قد تمّ توقيعها أصولاً بين الدولتين اللبنانية والسورية في سنة 1991 واُقرّت في المجلس النيابي اللبناني ومجلس الشعب السوري، وتمّ تسجيلها في الامم المتحدة كونها اتفاقية دولية. كذلك، تنص المعاهدة على انشاء مؤسسات مشتركة وتوقيع اتفاقيات في كل المجالات وانشاء هيئات مشتركة لمتابعة تنفيذها. كذلك تم إنشاء الأمانة العامة للمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري بموجب هذه المعاهدة، ومهمّتها متابعة تنفيذ احكامها والاتفاقيات بين البلدين، علماً بان بعضها تم توقيعه في حكومة العام 2010 وبالتالي فإن مصير هذه المعاهدة تُقرّره الدولتان اللبنانية والسورية، وان طلب الغائها او تعديلها يتطلّب قراراً من مجلس الوزراء واحالة الى مجلس النواب لاقراره بأكثرية الثلثين، مع العلم انه أمر غير مألوف ومُخالف للأعراف الدولية وبمثابة عمل عدائي.

وإذ تشير المصادر نفسها الى ان الاتفاقيات بين لبنان وسوريا ليست مُفعّلة حالياً، أكدت انها لا تزال سارية المفعول ونافذة وقسم منها يتمّ تطبيقه والتبادل التجاري بين البلدين جار على قدم وساق، تؤكد ان الاجتماعات بين الطرفين مُعلّقة في الوقت الراهن، وتُذكّر بأن لجان المتابعة اجتمعت مراراً إبّان حكومة الرئيس الحريري العام 2010 ولا سيما لجان الزراعة والصناعة والنقل والمياه.

وتحرص المصادر على التذكير بأن طلب الغاء المعاهدة لم يُطرح لا في حكومة الحريري ولا في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ولا في اي حكومة أخرى. وتشير المصادر اخيراً الى ان “الامين العام للمجلس الاعلى اللبناني ـ السوري نصري خوري يتابع القيام بمهامه، وفقاً لما هو منصوص عنه في المعاهدة والاتفاقيات والنظام الداخلي للأمانة العامة للمجلس”.

حرب: كانت إرادة اللبنانيين غير حرّة

أمام هذا الواقع، يُذكّر الوزير والنائب السابق بطرس حرب انه طالب اكثر من مرة في مجلس النواب، بعدما انسحبت سوريا من لبنان واستعاد اللبنانيون قرارهم، بإلغاء المعاهدات التي أُبرمت مع سوريا في ظروف معينة ضاغطة على لبنان، وكانت إرادة اللبنانيين في حينه غير حرّة لوضع شروط متساوية من دولتين مستقلتين، خصوصاً وان معظم الاتفاقات عقدت خارج اطار الاتفاقات الدولية، والوزراء الذين وضعوها آنذاك انطلقوا من اتفاقية عامة ولم يضعوا اتفاقيات تفصيلية في الميادين التي قرّرها الوزراء اصحاب الاختصاص كالزراعة وغيرها…

ويقول حرب لـ”نداء الوطن”: “ان موضوع العلاقات بين لبنان وسوريا في هذا الظرف يضعنا في موضع دقيق. هناك بعض الأمور التي لا تُظهر ان لبنان يساعد النظام السوري وان العلاقات طبيعية بين دولتين جارتين، واعتقد ان من واجب الحكومة اللبنانية ان تتحدث مع الحكومة الاميركية لتوضيح مضامين هذه الاتفاقات وبالتالي ألا تكون هذه الاتفاقات تفسح في المجال لان يدفع لبنان ثمن الاستمرار بتنفيذ ما نرتئيه. أما الاتفاقات التي نعتبر انها لا تصبّ في مصلحة لبنان فيجب ان تتوقّف الآن بحكم الواقع، لا سيما بعد صدور قانون “قيصر” الذي يُعرّض لبنان لمخاطر عديدة في ظلّ الازمة الاقتصادية والمالية التي يتخبط فيها”.

ويضيف: “يجب ألا ننسى ان سوريا هي مدخلنا البرّي الوحيد على العالم العربي، واذا اراد لبنان في النتيجة ان يقطع كل العلاقات معها سيكون هو الضحية الاولى قبل سوريا في هذا الموضوع، لذلك اعتقد انه يجب ان يحصل تواصل بين الديبلوماسية اللبنانية بالاتفاق مع وزارة العدل اللبنانية مع الديبلوماسية الاميركية ووزارة العدل الاميركية، لدراسة الميادين التي يطالها هذا الحظر ولاستثناء الميادين التي لا يطالها بحكم العلاقات الطبيعية، وليس لتأمين مصالح سوريا بل لتأمين مصالح لبنان من دون ان تكون سوريا مستفيدة منها، ولا سيما في عملية الترانزيت وغيرها من الامور التي سوريا ارض عبور فيها لا اكثر”.