Site icon IMLebanon

عودة الحريري تحكمها إعتبارات محلية ومجموعة تساؤلات أميركية

كتب انطوان الأسمر في صحيفة “اللواء”:

تتأرجح الحكومة على متن الأجنحة الكثيرة التي تتناوب عليها. نهاية الأسبوع الفائت، وعلى وقع الإحتجاجات العنيفة التي إختلط بها الحابل بالنابل، إنتهت الاتصالات والمشاورات السياسية بين أفرقاء الحكومة، الى تثبيت الحكومة مرحليا، مع طمأنة رئيسها حسان دياب بأن الفريق الحاضن لا ينفذ إنقلابا عليه، وهو متمسك راهنا به وبالحكومة.

ولا يخفى أن دياب نفسه ظهر متماسكا الى درجة كبيرة، رغم هول الشارع وما جاء به من تجاوزات وإعتداءات، ورغم ما سرى عن أن الرعاة سحبوا يدهم من الحكومة.

لا تغيير حكوميا الآن أو في المدى القريب، لكن لا يعني ذلك أن حكومة دياب باقية حتى سنة 2022. إذ ثمة من يرى ضرورة أن تبقى الى حين الانتهاء من المشاورات مع صندوق النقد الدولي. عندها، بصرف النظر عن نتيجة المشاورات، سيُفتح الباب أمام البحث في تشكيل حكومة جديدة، سياسية على الأرجح بتطعيم تكنوقراطي، من مهامها الرئيسية الوضع الاقتصادي والإصلاحي، الى جانب دورها السياسي في وضع قانون للانتخاب وإجراء الاستحقاق في موعده.

كيف سيتعاطى لبنان مع التوجهات الأميركية، بعدما وضعتْ إدارة ترامب لبنان في عين العاصفة الهوجاء على سوريا؟
ليس مؤكدا بعد أن يكون سعد الحريري رئيسا للحكومة المقبلة. ذلك أن اعتبارات عدة تسبق فرضية ترئيسه، في مقدمها إمكان تنظيم خلافه مع رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر. يبدو هذا التنظيم ممرا رئيسا لعودة الحريري الى السرايا الكبيرة، تماما كما سيكون جوابه عن المشاركة في جلسة حوار 25 حزيران أو رفضه ذلك، أحد المؤشرات الهامة في تحديد أي درب سياسي سيقرر سلوكه. من هذا المنطلق يُفهم إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على أن يشارك الحريري في الحوار، ليس فقط لمجرّد المشاركة أو التسبب بإلغائه في حال أصر على المقاطعة، بل لأن حضوره، وإستطرادا الدرب السياسي الذي خطّه لنفسه، أحد عوامل التأهيل لمرحلة ما بعد حكومة دياب.

ليس سراً أن بعض عواصم القرار، وخصوصا واشنطن وباريس، يضع في الحسبان إحتمال تشكيل حكومة برئاسة الحريري، من دون تحديد التوقيت. لكن ما يشغل واشنطن على وجه التحديد، مدى قدرة الرجل على مجابهة التحديات السياسية التي تتربّص حكما بأي حكومة برئاسته، في مقدمها كيفية تعاطيه مع الضغط الأميركي – الدولي لإستكمال محاصرة حزب الله وتجفيفه ماليا وتطويق التأثير السياسي الذي بات عليه لبنانيا وعلى مستوى الإقليم، وخصوصا أن ثمة في واشنطن من يجزم أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بات على رأس محور إيران في المنطقة، متسلما الدفة كاملة نتيجة إغتيال القائد السابق لفيلق القدس اللواء قاسم سليماني.

في هذا السياق، تلوح في بعض الدوائر مجموعة من التساؤلات لا ترقى بعد الى الاهتمام الفعلي بالمسألة اللبنانية، إلا – راهنا ومرحليا- من باب إلتزام لبنان مندرجات قانون قيصر:

أ-ما مدى قدرة الحريري على تشكيل حكومة لا يشارك في هذا الحزب؟ وهذا شرط أميركي أساسي لا يمكن تجاهله، خلافا لما كانت عليه الحال في حكومته السابقة.

ب-في حال تخطّي توزير الحزب عبر شخصيات لا تنتمي اليه تنظيميا كما هو حال وزيريه في حكومة حسان دياب، ماذا عن البيان الوزاري وسلاح حزب الله؟ إذ إن الحريري جاهر سابقا أن هذا السلاح نتيجة عوامل خارجية أكثر مما هو محلي، وأن مقاربته يجب أن تجري حصرا في سياق الحوار الأميركي – الإيراني. وقد لا يصلح هذا الموقف – المَخرج في الظرف الراهن، نتيجة المدى الذي ذهبت اليه واشنطن في قتال حزب الله ومحاصرته وخنقه ماليا وسياسيا.

ج-ماذا عن علاقة الحريري برئيس الجمهورية، وتوقيعه محوري ومركزي لتشكيل أي حكومة جديدة. فهل سيغيّر الحريري مقاربته المناهضة للرئيس وللتيار الوطني الحر، وتاليا العودة الى تفاهم رئاسي من خامة جديدة، أم أنه سيثبت عليها؟ وفي حال ثبت، هل يضمن الحصول على توقيع رئيس الجمهورية؟

د-ما قدرته على التزام وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة دوليا والمؤهِّلة لأي تدخّل خارجي مساعد؟ سابقا لم يستطع (مؤتمر سيدر) نتيجة مجموعة من العوامل بعضها يتعلق به والبعض الآخر نتيجة تصلّب افرقاء سياسيين في التمسك بمكتسباتهم ورفضهم المحاسبة، فيما هو يتهم التيار الوطني الحر بعرقلتها وإفشالها.

هـ – كيف سيتعاطى مع التوجهات الأميركية في المنطقة، بعدما وضعتْ إدارة الرئيس دونالد ترامب لبنان في عين العاصفة الهوجاء على سوريا؟ بمعنى آخر، هل في استطاعته إدارة الظهر لـ «حزب الله» الذي هدد أمينه العام في إطلالته الأخيرة بقتل كل «من يضعنا بين خيار القتل بالسلاح أو الجوع»؟