IMLebanon

الظرف الاقتصادي الحرِج يصيب الجسم الوظيفي

في ظل الوضع المالي والاقتصادي المأزوم، ترزح القطاعات الاقتصادية على اختلافها، تحت عبء الجمود والانكماش مع غياب حاد للاستثمارات، في ظاهرة لم يشهد لبنان مثيلاً لها في عزّ الحروب الضارية التي حصلت على أراضيه… من التفتيش عن مقوّمات الصمود لاستمراريّة الإنتاج، إلى كيفية تأمين رواتب الموظفين والأجَراء والعمال… همومٌ تُثقل كاهل القطاع الخاص وتدفعه إلى مواقف لا يرغب فيها إنما “مجبراً أخاك لا بطل”. وليس أشدها أسىً وأسفاً سوى التخفيف من الطاقم الوظيفي واليد العاملة، إن كان صرفاً أو باتفاق وديّ.

القطاع المصرفي لا يعيش في جزيرة معزولة عن واقع البلاد، إنما هو في صلب العاصفة، وما يشهده لبنان من حراجة الوضع الاقتصادي والمالي، يصيب المصارف في العمق ليطال مدّخراتها وأرباحها، فتراجعت مقوّمات الصمود. فالتراجع الحاد في الودائع وحجم التسليفات في الفترة الأخيرة انعكس تقلصاً في حجم أعمالها. الأمر الذي دفع إلى التفكير في تقليص الفروع في المناطق، والتخفيف من عدد الموظفين.

مصدر مصرفي أوضح لـ”المركزية” أن غالبية المصارف التي فكّرت في التخفيف من عبء الرواتب والمخصّصات التي تقدّمها للجسم الوظيفي لجأت إلى شريحة الموظفين الذين اقتربوا من سنّ التقاعد، لتبدأ التفاوض معهم إذا ما كانوا يرغبون في التقاعد المبكر مقابل تعويضات عادلة ومُنصفة.

ولفت إلى أن “التفاوض يجري داخل كل مصرف على حِدة وفق سياسته ومقدراته، وبالتالي لا يوجد قرار صادر عن جمعية المصارف في هذا الخصوص، إذ هناك مصارف لا تزال تحتفظ بكامل طاقمها الوظيفي وأخرى باشرت بالتفكير في التعويض المبكر لعدد من الموظفين، ولكن كلأً وفق سياسته ووضعيّته”.

وأكد المصدر، في هذا السياق، أن “لا صرف تعسفياً، ولا مسّ بحقوق الموظفين إطلاقاً… إنما الوضع  الصعب التي تمرّ فيه المصارف، كما القطاعات الاقتصادية كلها، تدفعها إلى تقليص عدد فروعها في مناطق محدّدة حيث لا حاجة إلى ثلاثة أو أربعة فروع، الأمر الذي يدفع إلى إعادة النظر في عدد الموظفين في تلك الفروع”.

كما لم يغفل الإشارة إلى أن “عدداً من الأقسام المصرفية توقفت بسبب الظروف الاقتصادية، وعلى سبيل المثال لا الحصر: قسم “القرض السكني” و”قرض السيارة”…إلخ”، معتبراً أن “الحاجة إلى وجود عدد كبير من الموظفين في تلك الأقسام، قد انتفت في ظل شبه انعدام الطلب على تلك القروض”.

وأسف المصدر لكون “غالبية القطاعات الاقتصادية، إن لم تكن كلها، تقلّص من عدد العمال والموظفين لديها بفعل الوضع المذري الذي وصلت إليه البلاد، خصوصاً بعد إعلان الحكومة أن لبنان بلد مفلس، ما أدى إلى فقدان الثقة به وبالتالي “جَفّل” المستثمرين، محليين كانوا أم أجانب”.