رغم أن الحراك السياسي الجاري يهدف الى جمع القوى والأحزاب المختلفة على “طاولة سواء” في قصر بعبدا، بهدف تقديم مشهد وطني جامع يؤسس لأرضية تتصدى لأي اختراق للساحة المحلية، ويرسل إشارات إيجابية باتجاه الخارج الممثل بصندوق النقد الدولي، بدا وكأن المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خارج هذا السياق، مع أنه شدد فيه على عدم إهدار فرصة التفاوض مع الصندوق وعلى لقاء بعبدا المرتقب، لكنه وجه الكثير من الرسائل “للأصدقاء” كما للأخصام، بشكل مباشر وغير مباشر.
وواضح أنه في حال قرر رؤساء الحكومة السابقون مقاطعة اللقاء اعتراضا على عدم وجود جدول أعمال محدد، فإن مصادر بعبدا أكدت انه لن يكون هناك لقاء ولا حوار، ما يعني المزيد من الارتدادات الاقتصادية والأمنية.
الدعوة للقاء ركزت على بحث الأوضاع الأمنية، من التظاهرات الاحتجاجية الليلية في مختلف المدن والمناطق الى الحملة الشعبية ضد معالجة الحكومة القمعية لآراء الجماهير المعارضة عبر صفحات «تويتر» و«فيسبوك» بـ «الكلبجات» والإحالات الى القضاء وقد أضيف الى هذه العناصر الساخنة نبش الخلافات القديمة بين أهالي بشري وجيرانهم بقاعصرين في الشمال على تقاسم مياه الينابيع.
من هنا، يبدو الرئيس عون في وضع المحرج، فإن استمر في الدعوة للقاء واجه الاحتمالات السلبية الظاهرة للعيان، وان ألغاها فإن المردود السياسي والاقتصادي سيكون سلبيا للغاية.
وقياسا على بعض ردود الفعل على تصريحات جبران باسيل لا تبدو الأجواء مشجعة.
وكان واضحاً الغمز من قناة حزب الله في أكثر من موقف قاله باسيل، الى جانب كلامه الواضح حيال الحكومة التي رغم ملاحظاته قال إن لا بديل عنها حاليا. ثم رمى السهام باتجاه تيار المستقبل، في خطوة مستغربة قبيل أيام من لقاء بعبدا، وفق ما رأت مصادر معارضة عبر “الأنباء”، الأمر الذي يطرح من وجهة نظرها تساؤلا حول الهدف من هذا المؤتمر، خاصة وأن “الجو الذي بثه كان بعيدا عن أجواء الحوار واللقاءات التي يشهدها البلد، وبعيدا عن محركات عين التينة التي تسعى جاهدة للملمة ذيول أي توتر بين القوى السياسية في محاولة لإنجاح حوار بعبدا”، سائلة عن الهدف من خلق هذا الجو بهذا التوقيت تحديدا.
مصادر مراقبة قالت عبر “الأنباء” إن “مؤتمر باسيل هو تبريري للتعويض عما يواجهه من مشاكل على خط العلاقات مع معظم القوى السياسية، وعدم ارتياحه لانخفاض أسهمه في الاستحقاق الرئاسي المقبل، وهو ما دفعه الى توجيه سهامه نحو الجميع لا سيما حلفائه قبل الخصوم”.
فالبعض يعتقد أن باسيل بموقفه هذا أراد ترييح العهد المتداعي بتفكيكه أكبر الألغام في طريق استكمال ما تبقى من ولايته بأمان، والبعض الآخر يرى أن موقف باسيل جاء متأخرا وبعد خراب الاقتصاد اللبناني وانهيار قيمة الليرة وإدراج اسم لبنان على قائمة الدول الفاشلة.
تيار المردة الذي نال قسطه كن كلام باسيل، قالت مصادره في اتصال مع “الأنباء”: “لقد عدنا الى المعزوفة نفسها، وما قاله باسيل لا يستدعي الرد ولا التوقف عنده”.
مصادر عين التينة لم تجد بدورها أي جديد في كلام باسيل، معربة عن خشيتها من تأثير هذه المواقف التي اثارها على اللقاء الوطني يوم الخميس “ما قد يؤدي الى تأجيله”.
في السياق ذاته قالت مصادر تيار المستقبل عبر “الأنباء” إن “باسيل الذي يشكو من مشاكل داخل تياره البرتقالي يريد عشية اللقاء الوطني الإيحاء بأنه هو من يدير اللعبة السياسية، وأنه موجود، وكان اللافت انتقاده هذه المرة لحزب الله، ما يعني ان العلاقة بين “التيار” و”الحزب” ليست على ما يرام، وخاصة بعد فائض الغزل من الثنائي الشيعي لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية”.