كتبت ماجدة عازار في صحيفة “نداء الوطن”:
تتحوّل وجهة الرصد الى قصر بعبدا مُجدّداً هذا الاسبوع، على مسافة ايام من موعد انعقاد اللقاء الوطني الخميس، ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في انتظار الأجوبة الرسمية على الدعوات التي تبلّغها المدعوون، والمُتوقّع أن تتبلور بدءاً من اليوم، في اعتبار ان معظم الكتل النيابية ستجتمع بين اليوم والغد، وفي مقدّمها كتلة “المستقبل” النيابية، علماً ان معظم المـدعوين استمهـــلوا الاجابة.
أسئـــــلة كثيرة طُرحت في الساعات الأخيرة عن مســـار اللقاء ومصيره، خصوصاً بعد السقف العالي لكلام رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل يوم السبت، ما رأى فيه البعض تهديداً لمصيره. إلا أنّ بعبدا خالفت هذه النظرية، ولم تلمس في كلام باسيل ما يتعارض مع السلم والاستقرار، وأكدت مصادرها لـ”نداء الوطن” أن باسيل “طرح أفكاره ورأيه وقدّم ملاحظاته، والهدف الأساسي من اللقاء هو توحيد الصفّ والتأكيد على مواجهة المخاطر والفتنة، وليست غايته بالتالي تحديد موقف موحّد من القضايا الخلافية، او مصالحة الاطراف المتخاصمة والمتباعدة سياسياً، بل تثبيت الوحدة الوطنية، والاتّفاق على مواجهة اي فتنة او اي ما يُمكن ان يؤثّر على السلم الاهلي، خصوصاً بعد الاحداث الاخيرة التي شهدتها مدينتا طرابلس وبيروت وولّدت نقزة لدى رئيس الجمهورية ودفعته الى الإستعجال في تحديد موعد اللقاء، بغية إعادة تظهير تضامن اللبنانيين والقيادات السياسية، وتمسكهم بالسلم الاهلي والاستقرار، وبالتالي لا شيء في كلام النائب باسيل يتعارض مع هذين السلم والاستقرار، ولا نعتقد انّ لما قاله أي تأثير سلبي على اللقاء، كما وجد البعض”.
إحتمال التأجيل وارد
إلا أن المصادر تُقرّ بأن مصير اللقاء الوطني يتراوح بين خيار من اثنين: إما تأجيل وإما عدم تأجيل، وبأن نسبة حظوظ كل خيار متساوية، لذلك من المبكر تحديد أي خيار قبل معرفة الأجوبة على الدعوات الخطية التي وجّهتها بعبدا الى الاقطاب. إلا ان المصادر أعربت عن اعتقادها بأن هدف اللقاء الامن والاستقرار، سيُصعّب على القيادات ان ترفض المشاركة فيه.
وحول غياب الميثاقية السنّية في حال تغيب الرئيس سعد الحريري عن المشاركة في اللقاء، شددت المصادر على الهدف السامي للاجتماع: أمن لبنان وسلامته واستقراره، ولفتت الى تأكيد جميع القيادات اليومي على هذا الامر في مواقفها وتصريحاتها وبياناتها، ففي حال لم يشارك الرئيس الحريري في اللقاء، وتضامن معه رؤساء الحكومات السابقون، فسيتحمّلون هم مسؤولية قرارهم كونهم مدعوين الى لقاء لتثبيت الوحدة الوطنية وتعزيز الاستقرار وحماية السلم الاهلي، وهم بالتأكيد مع هذه الثوابت وبالتالي ليس غريباً ان يتمّ التأكيد على هذا الامر في بعبدا، لكن حتى اللحظة لا شيء محسوماً بالنسبة الى المشاركة او المقاطعة”.
“القوات” تتشاور
في هذا الوقت، لم يتبلور موقف “القوات اللبنانية” بعد من المشاركة أم من عدمها، ورئيسها سمير جعجع في تشاور مستمر مع القيادة في “القوات” وتكتل “الجمهورية القوية” من اجل اتخاذ القرار المناسب. لكنّ اوساط “القوات” تؤكد انه “بالرغم من حرص جعجع على المشاركة في جلسات حوارية من هذا النوع تأكيداً على احترام اي دعوات تحت سقف المؤسسات الدستورية، وقد برهن في محطّتي 2 ايلول و6 ايار انه لم يأخذ في الاعتبار مقاطعة هذا الطرف او مشاركة ذاك الطرف، بل اتخذت مواقفه لإيمانه بضرورة تسجيلها انطلاقاً من رؤيتها الوطنية، فإنه ينظر هذه المرة بعين السلبية خلافاً للمرتين السابقتين، بعدما لم يتم الاخذ بدعوته في 2 ايلول الى استقالة الحكومة وتشكيل أخرى من اختصاصيين مستقلين، إستباقاً للأزمة والثورة ولم يؤخذ بمطلبه، ومطالبته في 6 أيار بتنفيذ الخطة الاقتصادية بخطوات واضحة المعالم وليس بفذلكات وتنظيرات ومقاربات نظرية، فاستفحلت الأزمة المالية وظلت الحلول معدومة.
وعليه، هناك سؤال مطروح بقوة على طاولة “التكتل” و”القوات” عن جدوى المشاركة، طالما ان الفريق الممسك بالقرار رفض حكومة اختصاصيين مستقلين ثم رفض الذهاب الى خطوات عملية، وظلّت الازمة تستفحل فضلاً عن عدم وجود جدول اعمال محدد للقاء الوطني خلافاً للمرات السابقة. وترفض “القوات” ربط مصير الحوار بمواقف باسيل وتقول “من الافضل لو لم يتكلم لانه يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية ما آل اليه الوضع، ويكفي ان ملفاً واحداً يشكل ادانة له وهو ملف الكهرباء، فضلاً عن السياسات التي اعتمدها سابقاً طبعاً، وكنا نعتقد انه اتّعظ نتيجة الانهيار الحاصل من سياساته، لكن لا يبدو انه في وارد الاتعاظ بل يُصرّ على مواصلة نهجه وكأنّه مُكلّف بتدمير ما تبقّى من الجمهورية اللبنانية، وكلامه مكشوف ولا يأخذه أحد على محمل الجد والناس لم تشيطنه، إلا بعدما خبرته بالممارسة العملية على مدى ثلاث سنوات. فالشيطنة لم تأتِ من فراغ بل بسبب ممارساته. ومشاركتنا أم عدمها لا تتوقف على كلامه، فاذا كان يعتبر نفسه عراب قصر بعبدا، فالقصر بالنسبة الينا هو موقع رئاسة الجمهورية ولا علاقة لموقفنا بدعوة الرئيس، بالرغم من ان باسيل لا يفصل بينه وبين الرئيس، هذا شأنه وبالتالي لا ننظر الى مواقفه بانها تهدّد اللقاء، في النهاية لم يعد لديه هذا الوزن في المعادلة السياسية قبل الثورة وكلامه لا يهدد اللقاء، بل وجهة نظره هو حر في اعلانها”.