هذا ما جناه العهد على نفسه وما جناه عليه أحد… فعلى قاعدة “من يزرع الريح يحصد العاصفة” جاءت الردود على الدعوة العونية إلى جلسة حوارية في القصر الجمهوري بعد غد الخميس، لا سيما من “بيت الوسط” حيث سحب رؤساء الحكومات السابقون بساط الميثاقية من أرضية الدعوة بإعلانهم عدم المشاركة في اجتماع “بلا أفق” يشكل “مضيعة لوقت الداعي والمدعوين”، ربطاً بافتقاره إلى جدول أعمال واضح و”خريطة طريق” تتلاقى عناوينها مع القضايا الوطنية التي عدّدها البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد، لتتجه الأنظار تالياً باتجاه معراب غداً في سبيل تلمّس ما سيقرره تكتل “الجمهورية القوية”، علماً أنّ موقف “القوات” كان قد عكس في أكثر من مناسبة “عدم الاقتناع بفائدة الدعوة الحوارية” في المرحلة الراهنة.
ولأنّ الأغلب الأعم في الأسباب الكامنة وراء عدم التجاوب مع رغبة السلطة في انعقاد الحوار يتمحور في جوهره حول عدم رغبة المعارضة في استخدامها كـ”ورقة توت” تواري سوءات وفضائح الحكومة القائمة، برزت أمس فضيحة مدوية جديدة في سجل هذه الفضائح، من خلال ما تكشف لـ”نداء الوطن” من معلومات تفيد بأن رئيس الحكومة حسان دياب أجهض طرحاً رسمياً قدمته مصر لمساعدة لبنان في مجال الطاقة، متجاهلاً إياه ومحاولاً استثماره عبر فرض ما يشبه المقايضة بين استقباله في القاهرة وقبول البحث في تفاصيل المبادرة المصرية.
وفي التفاصيل، أنه غداة تأكيد وزير الطاقة ريمون غجر عدم القدرة على تخفيف تقنين الكهرباء القاسي، لم تستغرب مصادر ديبلوماسية وصول لبنان إلى ما وصل إليه من عجز عن معالجة هذه الأزمة في ظل أداء حكومي قاصر عن مقاربة الحلول اللازمة. وتكشف المصادر في هذا المجال لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي اتصل بدياب إثر إقرار مجلس الوزراء عملية تأهيل معملي دير عمار والزهراني مبدياً استعداد بلاده لمعالجة موضوع الكهرباء في لبنان، مؤكداً أنّ شركة السويدي المصرية ترغب بالتعاون مع شركة “سيمنز” الألمانية في المساهمة بإعادة تأهيل المعملين وفق المواصفات والمعايير التقنية الدولية، وتجهيزهما في مدة زمنية معقولة ليكون بمقدور كل منهما استقبال مادة الغاز المسال لتوليد الطاقة. وأبدى جهوزية القاهرة للتنسيق مع الحكومة الألمانية لتسهيل هذه العملية فضلاً عن تعهده بتأمين حاجة لبنان من الغاز المسال بأسعار مخفضة وبالتقسيط المريح، لكنّ المفاجأة، وفق ما عبرت المصادر الديبلوماسية، كانت بأنّ دياب تعامل ببرودة مع الطرح المصري ولم يبادر إلى متابعته إنما ركّز اهتمامه على مسألة تلبية طلبه بزيارة القاهرة رافضاً حتى فكرة إيفاد وزير الطاقة إلى هناك لمناقشة الطرح المصري قبل الرد إيجاباً على طلباته المتكررة بزيارة العاصمة المصرية.