IMLebanon

“مونولوج” بعبدا الخميس… و”النظام البوليسي” يتكرّس!

“أنا عهدكم الأعلى فاعبدون”… على هذا الأساس بات يتعاطى العهد العوني مع المكونات اللبنانية غير الموالية له، فمن شاء أن يحضر حوار بعبدا فليحضر ومن أراد المقاطعة فليقاطع لكنّ الحوار باقٍ في موعده حتى لو انعقد بلا متحاورين وتحوّل إلى “مونولوج” حواري مع الذات بين مكونات الصف الواحد. لربما كان من بين مستشاري القصر الجمهوري ناصحٌ أمين يهمس في أذن الرئيس ميشال عون اليوم بضرورة عدم ترؤسه جلسة حوار فولكلورية محكومة بالفشل مسبقاً أقله حفاظاً على عدم تشظي هيبة الرئاسة الأولى أكثر إن هي أمعنت في تأطير موقعها ضمن إطار لن يقدّم ولن يؤخر ولن يكرس سوى صورة مقاطعة مكونات رئيسية للدعوة الرئاسية… أللهم إلا إذا صدقت توقعات بعض الأفرقاء من أنّ الهدف من جلسة الحوار هو أن تشكّل توطئةً رسمية لمرحلة جديدة تمهّد من خلالها السلطة لتكريس قبضة “النظام البوليسي” في البلد تحت شعارات تحاكي ضرورات الحفاظ على الاستقرار ولجم الفتن المذهبية والطائفية!

فهذه الهواجس بدأت في الآونة الأخيرة تجد مشروعيتها على أرضية الملاحقات والاستدعاءات والادعاءات التي تطارد النشطاء المدنيين والمعارضين وتسعى إلى تسخير الأجهزة الأمنية والقضائية بشكل فاضح في محاولات توتاليتارية ترمي إلى تدجين أداء غير الموالين للحكم والحكومة تحت طائل التهديد بملاحقتهم بباقة من التهم والشبهات التي بلغت مؤخراً مستوى التخوين والاتهام بالعمالة في مواجهة بعض المناوئين لسلطة 8 آذار، لا سيما مع بروز ادعاء النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس على العلامة السيد علي الأمين المعارض لـ”حزب الله” لمشاركته في مؤتمر في البحرين شارك فيه مسؤولون إسرائيليون ولارتكابه “جرائم مهاجمة المقاومة والتحريض بين الطوائف والمس بالقواعد الشرعية للمذهب الجعفري”.

وإذ يأتي النهج التخويني الطاغي على أداء السلطة في الآونة الأخيرة ليجسد مضامين التصريح الصريح الذي أدلى به أمس المستشار السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسين الموسوي وتوعد فيه كل من يتماهى من اللبنانيين مع الطروحات الأميركية بأنه سيُعتبر من الآن فصاعداً “متواطئاً مع العدو الصهيوني سواءً كان واعياً أو غائباً عن الوعي”، تعالت في المقابل أصوات المنددين بهذا الأداء السلطوي إلى درجة اضطر معها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى الإعراب عن أسفه لكون “وجه لبنان بدأ يتغيّر ويسلك طريق الظلم وطريق النظام البوليسي والاعتداء على حرية الانسان وكرامته”، مندداً بالسياسيين الذي “يريدون العودة بلبنان إلى العصر الحجري وتجويع الناس وإفقارهم وتهجيرهم”.

وعلى خطى الانهيار، تواصل البلاد عدّها التنازلي نحو لحظة الانفجار الاجتماعي الحتمي تحت إدارة الحكومة الفاشلة القائمة، في وقت لفتت أمس إشارة مصادر نيابية معنية بالملف المالي إلى كون حكومة حسان دياب مصرّة على تقديم الدولة اللبنانية “كمهر لزواجها مع صندوق النقد” من خلال إصرار الحكومة على مفاوضة الصندوق من منطلقات “تضع لبنان في موقع العاجز والمتهالك سلفاً”، منوهةً بأنّ “هذا الصندوق الدولي إنما هو مصرف في نهاية الأمر ويقوم بما يتوافق مع مصلحته قبل أي شيء آخر، ومن هنا فإنه كطرف مفاوض يناسبه طبعاً التفاوض مع طرف ضعيف كما هو الحال مع الحكومة الحالية لكي يتمكن من فرض شروطه عليها”.

وعن الاجتماع الذي عقدته لجنة المال والموازنة أمس مع وفد صندوق النقد الدولي بالارتكاز إلى ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق، فقد أكدت المصادر النيابية لـ”نداء الوطن” أنّ الاجتماع بحد ذاته “كان مهماً وبناءً لناحية شرح طريقة العمل التي اتبعتها اللجنة النيابية والمقاربات الجديدة التي اعتمدتها لتسهيل عملية تفاوض لبنان مع الصندوق”، مشيرةً إلى أنّ الاجتماع الذي عقد أمس “كان الأول والأخير بين اللجنة والوفد الدولي المفاوض لأنّ مهمة التفاوض مع صندوق النقد هي من مهام الحكومة”.

وعن مجريات الاجتماع، نقلت المصادر أنّ “أعضاء لجنة المال والموازنة شرحوا بأدق التفاصيل المعطيات المالية والاقتصادية لوفد صندوق النقد مع الإضاءة في الوقت عينه على وجود اعتراض لبناني كبير على طروحات الحكومة ومقارباتها لحلول الأزمة، وعلى كون الأحادية في القرار الحكومي لن توصل إلى أي مكان لأنّ مجلس النواب لن يمرّر خطة الحكومة من دون إدخال تعديلات عليها”.

ورداً على سؤال، جزمت المصادر النيابية بأنّ المفاوضات مع الصندوق الدولي “ستستغرق وقتاً طويلاً وستشهد الكثير من شد الحبال”، لكنها آثرت في المقابل مصارحة الرأي العام بالقول: لغاية اليوم الأمور مع الصندوق “مش سالكة”.