Site icon IMLebanon

…عن “الجرّة المكسورة” بين الراعي و”الحزب”!

كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

يبدو أن الأفق مسدود في ما خصّ العلاقة بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي و”حزب الله”، إذ إن ردم الهوة يحتاج إلى الكثير من الجهد.

في عزّ أيام المواجهة التي قادها البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير مع الإحتلال السوري والحلفاء في لبنان لم تنقطع العلاقة بين بكركي و”حزب الله”، فقد تشكّلت لجنة للحوار بينهما برئاسة المطران سمير مظلوم، لكن ما يحدث منذ مدّة هو أن العلاقة تشهد تراجعاً بشكل دراماتيكي.

قد يكون هناك ترسبات من الماضي جعلت الأمور تتعقّد مثل زيارة الراعي إلى الأراضي المقدسة، ومطالباته الدائمة بعودة المبعدين إلى إسرائيل وإنصافهم وعدم تخوينهم، من ثمّ أتت زيارة الراعي إلى المملكة العربية السعودية في تشرين 2017 وصودفت تزامناً مع أزمة الرئيس سعد الحريري في المملكة، وهجوم الراعي على السلاح غير الشرعي واستمرار “حزب الله” بالإستقواء بسلاحه، كلها عوامل ساهمت في تردّي العلاقة، لكن ما حصل أخيراً في ملف أراضي البطريركية المارونية في لاسا من ثمّ منع الراعي “حزب الله” من الإستفراد بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، شكلا عاملين أدّيا إلى تأزم العلاقة بين بكركي و”الحزب” ووصلت إلى حدّ القطيعة.

تُحمّل بكركي “حزب الله” مسؤولية في عدم وضع حدّ للإنتهاكات في لاسا، إذ إن الأرض هي ملكها في حين أن بعض الأطراف الشيعية في بلاد جبيل تعظّم الخلافات ولا تريد الإحتكام إلى القانون، وبالتالي فإن الإستقواء بالسلاح وبفائض القوة يجعل الحلّ غير ممكن، خصوصاً أن هناك مشاعات كبيرة في جرود العاقورة وتنورين يضع بعض الشيعة أيديهم عليها بالقوّة، وقد دخل الراعي على خطّ المواجهة لاستعادة الحق لأصحابه.

أما النقطة الأهمّ التي أثارت غضب “حزب الله” من بكركي فكانت موقف الراعي الحاسم والحازم في عدم المسّ بحاكم مصرف لبنان، حتّى ذهب بعض القريبين من “الحزب” بعيداً في إتهام البطريرك بأنه أفشل الإنقلاب على سلامة ووضع حرماً كنسياً لا يمكن لأحد تجاوزه، من ثمّ صعد إلى بعبدا مرتين وحذّر رئيس الجمهورية ميشال عون من مغبة المسّ بحاكمية مصرف لبنان.

وتؤكّد مصادر بكركي لـ”نداء الوطن” أن ما كان يُحضّر للبلد كبير جداً، إذ إن محاولة الإنقلاب على سلامة لم تكن بهدف الإصلاح أو التطوير في حاكمية مصرف لبنان، بل إن الخطة كانت تقضي بتطيير سلامة ووضع اليد على الحاكمية وتغيير وجه لبنان المالي والإقتصادي، وتعريض البلد لمزيد من العقوبات والحصار، وبالتالي فإن الراعي وقف بالمرصاد وسيقف مجدداً إذا تتالت المحاولات”.

وتشدّد على أن هدف الراعي ليس حماية موقع ماروني كما يسوّق البعض أو شخص معين، بل حماية آخر أعمدة هذا الوطن، فإقالة سلامة للإنتقام وتحميله وحده المسؤولية كما حاول أن يفعل رئيس الحكومة حسان دياب غير مقبول إطلاقاً، وتجهيل للفاعل الذي أوصل البلاد إلى الإنهيار، كما أنّ إقالته في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به الوطن، من دون تأمين بديل أو وضع خريطة طريق لإدارة الحاكمية سيؤدّي إلى المجهول ويسرّع وتيرة الإنهيارات، وبالتالي فإن الراعي ثابت على موقفه في هذا الشأن ولن يتراجع لا أمام قوى تملك السلاح ولا أمام قوى حليفة للسلاح تملك مفاتيح السلطة، فموقف الراعي واضح وهو ممنوع المسّ بطبيعة لبنان وأخذه لإتجاهات لا يرضى أبناؤه عنها.

تعتبر بكركي أنها تقول كلمة الحقّ وهي لا توجّه سهامها في اتجاه معيّن، و”يللي في مسلّة تحت باطو بتنعرو”، وبالتالي فهي تشدّد على أنها لم تفتح معركة مع “حزب الله” وغيره و”يللي بدّو يدق الباب بيسمع الجواب”، في حين ان أبواب الصرح البطريركي مفتوحة أمام جميع اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب، والقانون يجب أن يسود ويحكم في كل الخلافات لا التهديد والوعيد.