كتب رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:
الموقوفة كندة الخطيب ورجل الدين علي الأمين. اسمان شغلا كثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين بشبهة تعامل الأولى مع العدو، وتطبيع الثاني معه. غير أنّ هناك التباساً وقع جرّاء خطأ ارتكبته الوكالة الوطنية بشأن الأمين رغم وجود إخبارٍ ضده
تمثُل الموقوفة المدعى عليها كِندة الخطيب اليوم أمام قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوّان لاستجوابها، في حضور محاميتها جوسلين الراعي، في ادعاء النيابة العامة العسكرية ضدها بجرم التعامل مع جواسيس العدو الإسرائيلي ودخول الأراضي المحتلة. ورغم أنّ الخطيب المدعى عليها بهذا الجرم لم تثبت إدانتها بعد، إلا أنها أوقفت بسبب شُبهات للتثبُّت منها. وهذا التوقيف لا يُبرّر أي حملة إعلامية للمطالبة بإطلاق سراحها وادعاء أن الشبهات بحقها غير واقعية أو ملفقة، قبل صدور قرار القضاء.
تسريبات التحقيقات الأولية التي أجراها الأمن العام، والتي لا تكفي أبداً لإصدار أي حُكم إدانة بعد، تتحدث عن أدلة ثابتة عبارة عن محادثات مكتوبة وصوتية تُبيِّن أنّ الخطيب كانت على تواصل مباشر مع إسرائيليين خلال المدة الماضية. ويُظهر مضمون المحادثات التي أُحيلت إلى قاضي التحقيق، حماسة الخطيب للصلح مع إسرائيل. كما أنّ الخطيب كانت، بحسب التحقيقات، تتداول معلومات تتعلّق بحزب الله ومسؤولين رسميين مع إسرائيليَّين تبيّن أنّهما مرتبطان بالاستخبارات الإسرائيلية. ورغم أنّ هذه المعلومات علنية ومتداولة، إلا أنّ ذلك لا يُعفي من وقوع جرم التعامل.
أما عن دافع الموقوفة، فكشفت مصادر أمنية وقضائية مطّلعة على التحقيقات لـ«الأخبار» أنّ «مقتل شقيقها خالد الخطيب أثناء هجوم مسلّحين من تيار المستقبل على مقرّ الحزب القومي في حلبا في ١١ أيار عام ٢٠٠٨، ولّد لديها حقداً كبيراً ورغبة في الثأر، ربما يكون دفعها إلى التواصل مع العدو».
ما تقدّم ليس كافياً لإصدار أي حُكم إدانة قبل أن تنطق به المحكمة، لكنه لا يعني أيضاً تبرير أي حملة مشبوهة مطالبة بإطلاق سراحها قبل تبيان الحقيقة، ولا سيما أنّ هناك «لوبي» يعمل جاهداً لتصوير أي قضية لها علاقة بالعدو الإسرائيلي على أنّها مرتبطة حصراً بحزب الله الذي «يستخدم الأجهزة الأمنية والقضائية للتنكيل بخصومه. وهذا ما حصل، الثلثاء تحديداً، مع رجل الدين علي الأمين الذي تداعى أهل السياسة من تيار المستقبل وقوى ١٤ آذار للدفاع عنه، رغم أنّ الخبر المنشور على الوكالة الوطنية بشأن الادعاء عليه بجرم التواصل مع إسرائيليين غير صحيح. فقد كشفت مصادر قضائية لـ«الأخبار» أنّه لا يوجد أي ادّعاء ضد الأمين جراء لقائه إسرائيليين في البحرين، مشيرة إلى أنّ النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي رائد أبو شقرا ادعى عليه بموجب مادتين، الأولى تتعلق بجرم إثارة النعرات المذهبية والحضّ على النزاع بين الطوائف، والثانية تحقير الشعائر الدينية. كما جرت دعوة الأمين للحضور إلى التحقيق، لكنه رفض. وفي اتصال مع المحامي غسان المولى، ذكر أنه تقدم بوكالته عن إعلاميين وأسرى محررين من السجون الإسرائيلية بإخبار إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بتاريخ ١٢/١٢/٢٠١٩ جرّاء زيارة الأمين للبحرين واجتماعه مع لجان إسرائيلية وحاخام صهيوني في مؤتمر لحوار الأديان، مشيراً إلى أن موكليه طلبوا الادعاء على الأمين بجرائم الاتصال مع العدو والتطبيع والتحريض على المقاومة. ولفت إلى أنّه بعد ستة أشهر على التقدم بالإخبار، ادعت النيابة العامة فقط بإثارة النعرات المذهبية وتحقير الشعائر الدينية، نافياً أن يكون الادعاء ضده مرتبطاً بلقائه إسرائيليين.
لا مبرّر للادّعاء أن الشبهات بحقّ الخطيب غير واقعيّة أو ملفّقة، قبل صدور قرار القضاء
ورغم أنّ الخبر غير صحيح، استغلّ سياسيون المناسبة للهجوم السياسي. فاعتبر الرئيس السابق سعد الحريري أنّ «خبر الوكالة الوطنية عن الادعاء على السيد علي الأمين بجرم مزعوم يشكّل جريمة في حدّ ذاتها واعتداء موصوفاً على كرامة اللبنانيين واحتقاراً لعقولهم ووطنيتهم». وتحدث رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة عن «مكيدة أُعِدت في ليل للنيل من الأمين»، وغرّد الوزير السابق وليد جنبلاط «كفى مؤامرات وتشويهاً للتاريخ من قبل القوى الظلامية والإلغاء في اتهام السيد علي الأمين بالتعامل مع إسرائيل». كذلك خرج النائب السابق باسم السبع عن صمته، متحدثاً عن «تجيير القضاء لأهداف سياسية»، معتبراً أنّ ادعاء النيابة العامة الاستئنافية يستوجب عقوبة الطرد من السلك العدلي. ومثله فعل النائب السابق فارس سعيد وآخرون. ثمة فريق سياسي يتهم خصومه دوماً بتخوينه، لكنه يجهد في كل مناسبة للدفاع عن التطبيع مع العدو، تارة بذريعة «الحجّ إلى الأراضي المقدسة»، وتارة أخرى بحجّة «الإبداع»، وطوراً تحت عنوان «حرية الرأي». هذا الفريق تجنّد أمس للدفاع عن شخص لم يتّهمه أحد، رغم أن ما قام به تطبيع صريح.