IMLebanon

القطاع التربوي يستغيث… فهل من يسمع؟

انعكست الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان بشكل كبير على القطاع التربوي، والمعطيات التي أصبحت متوفرة حتى الساعة تنذر بكارثة قد لا ينجو منها احد. فمع تعثر الاهل عن دفع الاقساط وقرار الاغلبية منهم نقل ابنائهم الى المدرسة الرسمية او الخاصة المجانية، عمدت إدارات المدارس، التي بدورها بدأت ترزح تحت ثقل الديون، بتسديد جزء يسير من مستحقات معلميها وموظفيها او حتى الاستغناء عن خدماتهم، هذا إذا لم تتخذ القرار بالاقفال النهائي.

في المقابل، صمت ثقيل من قبل الدولة التي يبدو أنها عاجزة حتى عن إنقاذ القطاع التربوي الذي يعتبر ركيزة اساسية لتطور ونمو اي مجتمع، ولا تحرّك ساكناً للقيام بالاصلاحات المطلوبة للتخفيف عن كاهل المواطنين وتحريك العجلة الاقتصادية مجدداً، وتصمّ اذنيها عن سماع الاصوات التي بدأت تستغيث لإنقاذ المدارس من الانهيار المحتّم.

ومن تداعيات الازمة، استغنى الكثير من المدارس عن عدد كبير من معلميها، ومن بينهم من أمضى ثلاثين عاماً في التعليم، وأوضاع بعضهم مأساوية، منهم من فقد أحد أفراد أسرته عمله بسبب الأزمة، ومنهم من لديه ظروفه الخاصة من أقساط بيوت او سيارات او مستحقات اخرى فضلاً عن تسجيل أولاده في المدارس. بعضهم لم تتبق أمامه إلا سنة أو سنتين للوصول إلى الثلاثين سنة خدمة، والتي تمكنه من الحصول على معاش تقاعدي. لكن الإدارة لم تلتفت إلى هذه الأمور، كما أكد أحد الأساتذة.

وعُلِم ان ثانوية الشهيد بلال فحص التابعة لمؤسسات امل التربوية في تول استغنت عن خدمات خمسين معلمًا ومعلمة، كما استغنت ثانوية الرحمة التابعة لجمعية المبرات الخيرية في كفرجوز أيضاً عن خدمات ما يقارب مئة معلم ومعلمة، وصرفت مدرسة البعثة الفرنسية (الليسيه الكبرى) بعضاً من أساتذتها، ما دفع بـ “جمعية COLIF لتجمع اللبنانين في فرنسا” إلى توجيه رسالة إلى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، تطلب تدخلا ماليا من قبل فرنسا من أجل إنقاذ التعليم الفرنسي في لبنان، والذي يشكل أحد الروابط التاريخية بين البلدين”.

إلى ذلك، أعلن متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران جورج بقعوني في بيان، عن اقفال مدرستي المخلص بدارو والعناية الدورة.  ابتداءً من العام الدراسي الجديد. هذا القرار نزل كالصاعقة على طلاب هذه المدرسة واهاليهم الذين ناشدوا المطران التراجع عن هذا القرار، لما له من انعكاسات سلبية على مستقبل الطلاب وأساتذة هذه المدرسة الذين اصبحوا بلا عمل. ونظم الاهالي حملة “لا لإغلاق أقدم صرح تربوي في بيروت” لإنقاذ مدرسة المخلص في بيروت، التي دامت ١٣٠ سنة و خرجت كبار الشخصيات مثل وديع الصافي ولديها اكثر من 1000 طالب وطالبة. وفي وقت سابق، أعلنت مدرسة سيدة لورد لراهبات القلبين الاقدسين في زحلة عن إقفال أبوابها بعد 135 عاماً من العطاء… وغيرها من المدارس التي بدأت ترزح تحت ثقل الأزمة الاقتصادية.

وفي السياق، ناشد أمين عام المدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار عبر “المركزية” الدولة ان تقوم بدورها وتساهم مع الاهل بدفع جزء من الاقساط المدرسية كي تستمر المدرسة ويستمر المعلمون بعملهم المقدّر والمحترم”.

وأضاف: “اعدنا النظر في الموازنات وانجزنا التقارير ورفعناها بملحق الى وزارة التربية، بيّن حجم التكاليف التي تقع على عاتق المدارس، وكيف ان الـ35 في المئة المخصصة لتسيير اعمال المدرسة التشغيلية وتطويرها لم تكن محترمة جدا، إذ تمّ تخفيفها من المدارس كي لا ترفع أقساطها، وبيّنت بالارقام، ما هو سقف الحسم الممكن ان تقدمه للتلميذ، وهو قليل جدا، حتى ان بعض المدارس لم يتمكن من استيفاء الاقساط المدرسية كما يجب”.

واردف: “وفي احصاء قامت به المدارس الكاثوليكية تبين ان 38 في المئة من الاهالي فقط سدد القسط الاول، و19 في المئة القسط الثاني، وما بين 2 و3 في المئة القسط الثالث، وفي عملية حسابية بسيطة، ظهر ان المدارس استوفت فقط 20 في المئة من مجمل القسط المدرسي لهذا العام”.

كذلك أعلن وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب، خلال مقابلة تلفزيونية، انه سيتقدم غداً الخميس بمشروع في مجلس الوزراء لتقديم 300 مليار لدعم القطاع التربوي الخاص والرسمي. فهل تتحمّل الدولة مسؤولياتها قبل الانفجار الكبير؟