تتفاقم الأسباب والدوافع لاستياء المواطنين وفقدانهم الأمل ببلدهم يومياً وبوتيرة سريعة، فتحضّهم أكثر ليثوروا على واقع مرير أوصلهم إليه الوضع الاقتصادي الذي لم يشهد له تاريخ لبنان مثيلاً، وحيث لا سبيل للخلاص إلا محاولة الانتفاض على النظام القائم وتغييره من جذوره، إذ وعد “الإنجازات” المقطوع من قبل المسؤولين يتم الإيفاء به، لكن، للتنكيل باللبناني وزيادة الضغوط المعيشية على كاهله حتى بات تأمين لقمة العيش همّه الأكبر وأكثر من نصف الشعب تحت الفقر.
وعوض التركيز على انتشال البلد من مصائبه، لا تزال الطبقة الحاكمة تتلهى بالإدّعاء على الناشطين، لا بل يصل بها الأمر إلى إصدار مذكرات توقيف بحقهم كونهم عبروا عن موقفهم منها، ناسفةً بذلك حرية التعبير التي ينص عليها الدستور. حتى أن بعض الناشطين يتهمون القضاء بالتسييس ما يؤدي به إلى تركيب تهم تسمح له باعتقالهم.
وفي السياق، علّق الناشط المحامي واصف الحركة عبر “المركزية” على سلسلة الإدعاءات والتوقيفات، معتبراً أن “التعامل مع الملفات فيه خللان فادحان: أوّلاً، الوصف القانوني يأتي وكأن الفعل منعزل عن الواقع، في حين أن التعبير عن الغضب ليس سبباً بل نتيجة الوضع الذي وصل إليه البلد والسلطة السياسية مسؤولة عنه، وعند تطبيق القانون على القاضي أخذ هذه النقطة في الاعتبار، خصوصاً أن النصوص قائمة على قواعد عدالة وإنصاف إلا أنه لا يتم التعامل مع المدعى عليهم على هذا الأساس.
ثانياً، لاحظنا إزدواجية في المعايير. فإذا كان القضاء يريد اعتبار فعل الغضب لدى المواطنين نتيجة ما وصل إليه البلد جرما، أوليس الأولى به محاسبة من كان يهدد بحرب أهلية وانقسامات داخلية عند نزوله إلى الطرقات والدخول إلى المناطق تحت عناوين ورموز دينية تؤدي إلى زعزعة الاستقرار”.
وأعرب الحركة عن اعتقاده بأن “الجزء الكبير من التوقيفات سياسي. للأسف يتحوّل بعض القضاة إلى حائط يحمي الطبقة السياسية على غرار ما تقوم به القوى الأمنية في مواجهاتها مع الثوار”.
وعن التحركات في الشارع، أكّد أن “التنسيق دائم لتنظيم وقفات مستمرة. وعملية التحرك في الشارع واحدة من عناوين التحركات حيث بعضها يحصل في المناطق، إلى جانب ملاحقة ملفات الفساد والتحضير لمواجهة السلطة، كذلك العمل على مبدأ التكافل الاجتماعي في ظلّ الوضع الاقتصادي السيئ. فالناس تؤدي دور البديل عن مؤسسات الدولة لحماية البلد وشعبه”.
أما في ما خصّ وثيقة الثورة لتوحيد الشعارات والمطالب إلى جانب العمل على إنشاء مجلس تمثيلي، فرأى أن “الثورة هي ثورة كل الشعب، بالتالي لا يمكن لأي كان اختزال الآخر، لكن هناك مواقف سياسية يتفق عليها الثوار جميعاً وملتزمون بها: حكومة من خارج المنظومة، إنقاذ الاقتصاد، استرداد المال المنهوب، والتحضير لقانون انتخابي عادل. عمليات التنسيق جدية لكن فكرة جعل الثورة حالة واحدة غير صحيحة لأنها فعل مباشر شعبي وليست قوى تجتمع ليصبح هناك 14 و8 آذار في السلطة مقابل مجموعة الثورة، بل هي عملية تغييرية تضم جميع الناس ولا يمكن أن تختزل بتنظيم أو إطار واحد”.