مؤتمر بعبدا أوجد حالة فرز سياسي جديدة أعادت إلى الأذهان ما حصل عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وسط مؤشرات توحي بإمكانية تشكيل جبهة سياسية عريضة لمواجهة الائتلاف الحاكم الذي يحمّله اللبنانيون مسؤولية الوضع الحالي في البلاد.
بيروت- انضم حزب القوات اللبنانية إلى قائمة الرافضين للمشاركة في مؤتمر بعبدا المقرر عقده الخميس، فيما اختار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الإمساك بالعصا من المنتصف من خلال إيفاد ابنه النائب تيمور جنبلاط لهذا المؤتمر الذي يقول القائمون عليه إن الهدف منه تحصين البلاد من الفتنة وتوحيد الصفوف لمجابهة الأزمة المالية التي تعصف باللبنانيين، فيما يرى الرافضون للدعوة أن الغاية منه إنقاذ العهد لاسيما حزب الله تحت عناوين وشعارات “فضفاضة”.
وتقول أوساط سياسية إن دعوة الرئيس ميشال عون إلى عقد مؤتمر وطني أوجدت حالة فرز جديدة قديمة على الساحة اللبنانية، في تكرار لما حصل عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، حينما انقسم اللبنانيون إلى قسمين الأول يطالب برحيل القوات السورية واستعادة القرار الوطني، والقسم الآخر يرفض هذا الانسحاب ويتمسك بالتخندق خلف محور سوريا – إيران.
وتشير الأوساط إلى أنه من غير المستبعد إحياء تحالف 14 آذار الذي تشكل عقب اغتيال الحريري، ولكن هذه المرة في ثوب جديد، ويُعتقد أن هناك توجها في هذا الإطار لاسيما في ظل قناعة بأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيعني انهيار لبنان، مع التدهور المستمر لليرة اللبنانية، والضغوط الدولية التي تطالب بتنفيذ إصلاحات جوهرية، واتخاذ خطوات سياسية من بينها إبعاد حزب الله عن السلطة.
سمير جعجع: على المجموعة الحاكمة الحالية أن تفسح المجال لغيرها
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأربعاء عن استعداد بلاده لدعم أي حكومة تجري إصلاحات حقيقية في لبنان، مؤكدا أن العالم كله سيتحرك لمصلحة هذا البلد إذا تحقق ذلك، مشيرا إلى أن التحول الجوهري للحكومة اللبنانية يبقى الابتعاد عن حزب الله.
وعزز حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة ودول عربية وغربية أخرى تنظيما إرهابيا من تموضعه السياسي في السنوات الأخيرة وبات في قلب معادلة السلطة اللبنانية، إن لم يكن المهيمن عليها بحسب المتابعين.
ويشكل ذلك أحد الأسباب الرئيسية في عزوف المجتمع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة عن دعم لبنان في الضائقة المالية التي يواجهها. ويرى محللون أن تصريحات بومبيو وقبلها المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان ديفيد شنكر توحي بأن لا أمل في إمكانية تقديم المساعدة طالما أن حزب الله موجود في السلطة، وطالما أنه يصر على الاحتفاظ بسلاحه. ويشير المحللون إلى أن هذا الأمر يدفع قوى المعارضة السياسية إلى الترفع عن الخلافات والتحرك، حيث أنه ليس أمامها من خيار.