كتب أحمد الزعبي في صحيفة “اللواء”:
نفت مصادر مطلعة لـ «اللواء» ما تردد من معلومات عن اتجاه سعودي إلى دعم الليرة من خلال إحياء فكرة إيداع مصرف لبنان وديعة سعودية بالعملة الأجنبية، وأكدت المصادر أن المملكة العربية السعودية، وخلافاً للإشاعات والتسريبات المغرضة حول تبدّل أولوياتها، لم ولن تترك لبنان، بل تتابع الوضع فيه بشكل يومي، وذلك تماشياً مع موقفها التاريخي والتقليدي الداعم لهذا البلد وفق رؤية استراتيجية، وليس ردة فعل على الوضع الماليّ المستجد وتزايد مؤشرات الانهيار.
وكشفت المصادر لـ «اللواء» أن السفير السعودي في بيروت وليد البخاري يتواصل ويلتقي مع جميع القيادات السياسية والحزبية والروحية مؤكداً حرص المملكة على أمن واستقرار وازدهار لبنان، ويكثف البحث في المستجدات وسبل الخروج من الأزمات القائمة، لافتة إلى أن لقاء البخاري رئيس مجلس النواب نبيه بري، غداة الأحداث التي شهدتها بيروت، كان لتأكيد حرص الرياض على عدم الوقوع في الفتنة أو الانزلاق نحو هزّ للاستقرار لأي سبب كان، وتمسك المملكة بالتفاهم اللبناني لصون السلم الأهلي والوحدة الوطنية.
ووضعت المصادر المطلعة لقاء السفير البخاري، الثلاثاء الماضي، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائبه السابق محمد بعاصيري في إطار «اللقاءات الدائمة للاطلاع الدقيق على حقيقة الوضع المالي والنقدي في لبنان لتقدير الوضع قبل الإقدام على أية خطوة». واستبعدت المصادر أن «تُقدم الرياض على أيّ مبادرة قبل أن تتوضح صورة الأوضاع في لبنان للمرحلة المقبلة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، قبل أن يتخذ لبنان خطوات، باتت معروفة وضرورية منذ زمن طويل، باتجاه التصحيح والإصلاح ومكافحة الفساد، وبما يضمن أن تكون أي مساعدات خارجية في مكانها الصحيح، ولا يكون مصيرها – كما جرت العادة مع المساعدات والهبات وغيرها – مزاريب الهدر والفساد والصفقات».
إعادة نظر ضرورية
للتذكير، فإن السعودية لم ترغب باستقبال رئيس الحكومة حسان دياب، بما يفهم منه عدم حماستها لمساعدة لبنان لتجاوز أزمته المالية في ظل التطورات السياسية التي سبقت ورافقت تشكيل الحكومة، كما سبق للرياض أن أعلنت مع 9 دول أخرى أنها بصدد إعادة النظر بالتزاماتها في مؤتمر «سيدر» تأسيساً على تأخّر لبنان في تنفيذ الإصلاحات التي سبق أن تعهّد بها، وخصوصاً مكافحة الفساد وتنفيذ إصلاحات مالية وإدارية.
والموقف السعودي لا يعكس وضع حكومة دياب الهشّ، محلياً وعربياً ودولياً فحسب، بل يعيد طرح أزمة العلاقات اللبنانية – العربية (كجزء من أزمة لبنان مع الخارج) بما يتجاوز الحكومة بوصفها حكومة لون واحد، لتطال أداء المنظومة الحاكمة الذي يصادم ويناقض وقائع وتقاليد تاريخ لبنان ومصالح شعبه، في مقابل عدم معاملة الرياض المغتربين اللبنانيين بجريرة مواقف الأطراف اللبنانية التي تمعن بشتم وأذية والتطاول على دول الخليج، وتحديداً السعودية.
كذلك فإن الموقف السعودي يتلاقى مع مواقف دول أوروبية وغربية أخرى وتفيد جميعها بأنها تنتظر المضي بالإصلاحات بدل التلهي بتوزيع الاتهامات والتنصل من مسؤولية الانهيار الحاصل، وتزايد الأزمات السياسية والمالية والنقدية والحياتية. باختصار المطلوب من الأسرة الدولية إصلاحات ومكافحة للفساد وشفافية في إدارة الشأن العام قبل أي خطوة باتجاه مساعدة لبنان.
وفي تقدير جهات سياسية متابعة، أن هذه المواقف ليست مفاجئة أبداً لمن يتتبع مسار التباعد اللبناني المتهوّر عن عمقه الحيوي، أي دول الخليج، وعن الدول الغربية الصديقة، بل إن الغرابة تكمن فيما لو استمرت هذه الدول بدعم لبنان دون شروط، وهي تعلم أن هذا الدعم لا يصل إلى حيث يجب، أي الدولة ومؤسساتها والجهات المحتاجة بل إلى دويلات الفساد والهدر والصفقات.
إشارة إلى أن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير كان صرّح في «منتدى دافوس»، مطلع هذا العام، رداً على سؤال حول إمكانية مساعدة اللبنانيين على الخروج من الكارثة المالية والاقتصادية؟ بالقول: «كانت السعودية أحد أكبر الداعمين للبنان خلال العقد المنصرم. يحتاج اللبنانيون إلى تطبيق إصلاحات اقتصادية جادة للمضي قدما واعتقد أن هذا ما حاول رئيس الحكومة السابق سعد الحريري فعله لكن تم منعه في كل منعطف من حزب الله وحلفائه».