كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:
يمضي عدّاد الأزمات التي يواجهها المواطن يومياً بسرعة فائقة هذه الأيام، وآخرها أزمة البنزين التي تفاقمت أمس مع تسجيل نقص حاد في توفرها لا سيما في المناطق النائية، ما دفع بعض أصحاب المحطات الى إقفال أبوابها بعد انتهاء الكمية المتوفرة لديه. فهل نحن مجدداً امام أزمة محروقات شاملة؟ وهل سيمتدّ النقص الى كل لبنان؟
أكد عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس انه ليس هناك انقطاع في مادة البنزين في البلد، إنما هناك شح في الكميات التي تصل الى محطات الوقود، لا سيما في مناطق الأطراف.
وعَزا البراكس لـ«الجمهورية» هذه الأزمة الى أسباب عدة، منها ان لا بنزين في منشآت النفط منذ أكثر من شهرين، وذلك بسبب انتهاء عقد المناقصة الذي أجرته وزيرة الطاقة والمياه السابقة ندى البستاني في تشرين من العام الماضي لشراء البنزين، ولم يبادر وزير الطاقة الحالي ريمون غجر بعد الى طرح مناقصة جديدة في هذا الخصوص. وبالتالي، إنّ حاجة السوق من البنزين التي كانت تموّل من المنشآت، باتت تحت رحمة الشركات المستوردة للنفط التي تعاني بدورها من التأخر في تسلّم البضاعة من جهة، ومن جهة أخرى تُماطل في تسليم السوق الكمية اللازمة، في انتظار صدور جدول تسعيرة المحروقات كل أربعاء.
ورداً على سؤال عن سبب انتظار الجدول علماً انّ أسعار البنزين ثابتة؟ أوضح البراكس انّ سعر صفيحة البنزين ثابت لكن الرسوم الجمركية متحركة، وبالتالي كلما ارتفع سعر صفيحة البنزين في الخارج تتراجع نسبة الرسوم الجمركية عليها.
هذه الأسباب مجتمعة أدّت الى عدم مَدّ مناطق الأطراف بكمية البنزين التي تحتاجها مما اضطرّ أصحابها الى الاقفال في انتظار تزويدها بهذه المادة. وطالبَ البراكس الدولة بإلزام شركات استيراد المحروقات تسليم كميات أكبر الى السوق.
أزمة المازوت
من جهة أخرى، تتجه أزمة المازوت الى الحلحلة مع ترقّب وصول باخرة نهاية هذا الأسبوع وأخرى مطلع الأسبوع المقبل. وقد شهدت الأسواق بدورها نقصاً حاداً في هذه المادة، علماً انّ الوزير غجر اعلن مؤخراً انه كان يتم تزويد السوق يومياً بما بين 9 الى 10 ملايين ليتر من المازوت، بينما الحاجة في مثل هذه الفترة من السنة تتراوح ما بين 5 الى 6 ملايين ليتر يومياً.
وفي السياق، عَزا البراكس ارتفاع الطلب على المازوت الى أسباب عدة منها:
– إرتفاع ساعات التقنين في مؤسسة كهرباء لبنان بما يزيد طلب أصحاب المولدات على مادة المازوت لتغطية النقص الحاد في التغذية.
– يلجأ قسم كبير من المواطنين منذ أكثر من شهرين الى تخزين هذه المادة بعدما تراجعت أسعارها الى حدودها الدنيا بحيث وصل سعر الصفيحة الى 10 آلاف ليرة، وهم يخشون من ارتفاع الأسعار مع بدء فصل الشتاء.
– التهريب المستمر لمادة المازوت الى سوريا.
– يلجأ بعض التجار الى تخزين مادة المازوت كي يستفيد متى ارتفعت أسعاره.
وبالتوازي مع هذه الأسباب، يقول البراكس انّ الشركات المستوردة للنفط عمدت الى سحب المازوت من منشآت النفط وبيعه، في حين تحتفظ بملايين الليترات في مخازنها الخاصة لبيعها متى ارتفعت الاسعار. وناشَد وقف السماح للشركات المستوردة للنفط بالاستفادة من مخزون منشآت نفط الدولة لأنه في الحفاظ على هذا المخزون الاستراتيجي حفاظ على الأمن القومي.
أزمة في المناطق
وكانت محطات محروقات كثيرة في منطقة النبطية أقفلت أمس، بعد انتهاء كمية البنزين لديها، وامتنع عدد منها عن تزويد السيارات بهذه المادة. كذلك امتدت الأزمة الى محافظة عكار، حيث ارتفعت صرخة المواطنين من شح مادتي المازوت والبنزين في السوق المحلي.
وشهدت محطات الوقود في صور وصيدا تهافتاً من المواطنين على شراء مادة البنزين لسياراتهم، تخوّفاً من ارتفاع الاسعار او فقدان المادة من السوق في الايام المقبلة، كما قامت بعض المحطات بتعبئة كل سيارة بـ20 ألف ليرة فقط، فيما أقفلت محطات بعد نفاد مادة البنزين.