أكد رئيس الحكومة سعد الحريري “أننا متمسكون بنظامنا الاقتصادي الحر المبني على المبادرة الفردية التي هي من الثوابت والأولويات لدينا، وسندافع عنها بكل قوة، لأنه من دون القطاع الخاص لا تعافي ولا نهوض اقتصاديين”.
وشدد الحريري، خلال استقباله في “بيت الوسط” وفدًا موسعًا من الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق محمد شقير، على “ضرورة الحفاظ على أموال المودعين في المصارف”، وقال: “أي خطة اقتصادية يجب أن تلحظ بشكل أساسي حماية أموال المودعين، وهذا هدف سنسعى إلى تحقيقه باستمرار”.
وبعد اللقاء، قال شقير في تصريح: “لقاؤنا اليوم مع الرئيس الحريري كهيئات اقتصادية ليس جديدا، فنحن لنا مسيرة طويلة معه تعود إلى 15 سنة إلى الوراء، وقد أتينا اليوم لكي نؤكد أمورًا عدة، أولها أن الهيئات الاقتصادية والقطاع الخاص لا يمكن أن يقبلا من هذه الحكومة أو أي حكومة أخرى أن تغيّر وجه لبنان الاقتصادي، فهوية الاقتصاد في لبنان ستبقى اقتصادا حرا. كما أن “فشة الخلق” بالقطاع الخاص هي أيضا أمر غير مقبول، وقد بدأت بالهجوم على المصارف وعلى مستوردي المواد الأولية وأصحاب مؤسسات السوبرماركت، وآخرها مع قطاع المقاولين. أي دولة في العالم يمكن أن تستدعي مائتي مقاول؟ هؤلاء المقاولين هم الذين بنوا لبنان ونصف دول الخليج والدول العربية وأفريقيا. إن كان هناك إشكال بخصوص مقاول أو اثنين يتم استدعاؤهما، ولكنهم يريدون تحميل فشلهم إلى القطاع الخاص، وهذا ما أكدنا عدم قبولنا به بالمطلق”.
وأضاف: “تحدثنا أكثر من مرة بأن تخفيض سعر الصرف لا يكون لا بالعصا ولا بالحبس ولا بالتهديد، بل بالثقة وتوفير السيولة، وللأسف الحكومة لم توفر الثقة والسيولة غير موجودة”.
وختم قائلًا: “نحن مستمرون ولن نقبل اليوم بتغيير القوانين القائمة، وكل فترة نسمع بقانون جديد، مرة قانون المنافسة، واليوم قانون إيقاف صادرات نحو مائتي سلعة. الهيئات الاقتصادية لن ترضى بأن تسير بكل هذه الأمور، لا اليوم ولا في الغد، لا مع هذه الحكومة ولا مع أي حكومة أخرى”.
ثم تحدث رئيس “جمعية تجار بيروت” نقولا شماس، فقال: “أود أن أثني على كلام رئيس الهيئات الاقتصادية وأؤكد أن هذه الزيارة كانت مثمرة ومميزة اليوم للرئيس الحريري. وقد اعتدنا على أن نتردد إلى هذا البيت، وقبله إلى بيت الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فهما لديهما إلمام دائم بشؤون وشجون القطاع الخاص”.
وأضاف: “نحن نشكو من عدم إشراكنا في القرارات والرؤى الاقتصادية المستقبلية، وهذا يشكل خطرا هائلا على النظام الاقتصادي اللبناني. وكما ذكر الوزير شقير، فإننا نشعر أننا متروكين ومستهدفين، والدليل الساطع على ذلك أنه حين رُسمت خطة النهوض المالي، التي هي أقرب بالفعل إلى خطة لتصفية القطاع الخاص، لم نكن مشاركين فيها، وهذا كلف لبنان الغالي والنفيس في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.
وتابع: “أتينا اليوم إلى الرئيس الحريري كونه رئيس ثاني أكبر كتلة نيابية لكي نقول له أننا نرى فيه الحصن الحصين والمنيع للدفاع عن القطاع الخاص والنظام الليبرالي الذي يعود إلى مائة سنة والذي حمى مؤسساتنا. ونحن نخاف في ليلة ظلماء أن نرى أنفسنا وموظفينا بتنا في الشارع. وقد ذكّرنا بتجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري حين خفض الدولار من 2750 ليرة إلى 1700 ليرة، بمجرد وجود الثقة. وأيضا في ذلك الوقت، كانت للرئيس الحريري العلاقات الدولية المفقودة اليوم، حتى بتنا نبحث عن ضالتنا في الشرق. وكانت هناك خطة العام 2000 التي كانت تملك نظرة طموحة لإعادة وضع لبنان وسط الخريطة الإقليمية والدولية، وكان هناك فريق عمل من الطراز الأول، وكانت هناك شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص. لقد فهم الرئيس الشهيد في ذلك الوقت أنه ليس علينا فقط إنقاذ الليرة اللبنانية، بل أيضا علينا أن ننقذ القطاع المصرفي الذي هو العمود الفقري للاقتصاد، وعلينا ألا نهشمه، وأن نرد الثقة إلى الناس”.
وختم قائلًا: “عبثًا نحاول اليوم أن نخفض الدولار بالسبل الأمنية إن لم تعد الثقة. ونحن متأكدون من أنه إذا أعاد الرئيس الحريري تشغيل محركاته الخارجية مع أصدقاء لبنان التقليديين، أي دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، حينها نتمكن من إنقاذ أنفسنا. أما إذا رحنا نبحث عن الظهيرة عند الثانية من بعد الظهر فلن نصل إلى أي نتائج مرجوة بل سيزيد من معاناة الشعب اللبناني. الأسابيع المقبلة أساسية جدا، وقد توافقنا اليوم مع الرئيس الحريري على أن نبقى دائما يدا بيد من أجل رسم خريطة طريق تمكننا من تخطي هذه المرحلة الحساسة جدا، وربما الأخطر التي شهدها لبنان منذ مائة سنة. إنما بوجود شخصيات كالرئيس الحريري والوعي وحس المسؤولية اللذين يتمتع بهما، يبقى لدينا بصيص أمل بإعادة إحياء الأمل والانتعاش في الاقتصادي اللبناني”.
وكان الحريري قد عرض لأوضاع العاصمة بيروت ومطالب أبنائها مع رئيس اتحاد العائلات البيروتية محمد عفيف يموت يرافقه رؤساء وممثلون عن روابط آل شبارو ودمشقية وصقر ومحيسن.
كما استقبل الحريري الشاب إيهاب فجر من ذوي الاحتياجات الخاصة مع عائلته.
بعد اللقاء، شكر فجر الحريري على استقباله، وقال: “لقد حقق لي الرئيس الحريري اليوم حلما عمره سبع سنوات، فأنا كنت دائما أطمح إلى لقائه والجلوس معه، وقد كان قمة بالإنسانية في تعامله معي، وأنا لم أُفاجأ حين نزل وجلس على الأرض إلى جانبي حين علم أني لا أستطيع الجلوس على الكرسي. وأنا أشكره جزيل الشكر على الطريقة التي استقبلني بها”.