IMLebanon

هل لبنان على أبواب حرب مع إسرائيل؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

كلّ الانظار شاخصة باتجاه مؤتمر بعبدا. لقاء كان يؤمل ان يكون جامعاً لقوى السلطة والمعارضة لمقاربة الأزمة، سيعقد بمن حضر مع إصرار الجهات المنظمة وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس على عقده. حتى رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن نداءه الأخير للمدعوين ووضعهم أمام مسؤولياتهم بقوله: “إن لبنان امام تحدّ وجودي وحجر الزاوية لإنقاذه رهن بتعاون جميع القوى السياسية، وبوعيهم أهمية التزامهم بالحوار سبيلاً وحيداً لمقاربة القضايا الخلافية”.

لا توافق مصادر “الثنائي الشيعي” على اعتبار ان اعتذار البعض يعد بمثابة إجهاض للمؤتمر، ذلك أن المطلوب من حوار بعبدا لم يكن إجتراح الحلول بل ان يلتقي الجميع على مقاربة الأزمة، خصوصاً بعد الاجتماع الذي عقد قبل اسبوعين وحضره كل المعنيين بالموضوع السياسي والاقتصادي، وتمّ الاتفاق خلاله على تثبيت سعر الدولار وجاءت مفاعيله معاكسة. كان الهدف من اجتماع بعبدا وضع الناس في مخاطر الوضع الاقتصادي، وليس المأمول منه الخروج بقرارات تنفيذية بل محاولة تكاتف، أما محاولة تحميله اكثر مما يحتمل فليست إلا اصراراً على إفشاله مسبقاً.

يوجد فريق سياسي لا يريد إنقاذ عون وعهده ولا فتح طريق جبران باسيل الى رئاسة الجمهورية، وقاربوا مشاركتهم من هذه الزاوية رغم اصرار بري وبذل قصارى جهده لمشاركة الجميع. يلتقي الثنائي الشيعي على دقة الوضع وحراجته حتى من الجهة الأمنية، وهو ما دفع بري الى استعادة اجواء الاجتياح الاسرائيلي العام 1982 حيث قال: “في مثل هذه الايام من العام 1982 كان لبنان وبيروت يقاومان اجتياحاً اسرائيلياً، قاوما ولم يرفعا الراية البيضاء انتصرا لنا جميعاً، وانتصر اللبنانيون بهما ولهما، واليوم لا اخفي قلقي بأننا نعيش ظرفاً مشابهاً لذلك الظرف، يراد منه إسقاط لبنان وإخضاعه واجتياحه بأسلحة مختلفة ربما تكون ناعمة الملمس لكن في طياتها تخفي الموت الزؤام”.

كلام أثار الذعر في النفوس خشية وجود معطيات دفعت بري الى مثل هذا الحديث، الذي سبقته تحذيرات غربية تلقاها لبنان أخيراً من أن أي عمل باتجاه اسرائيل سيجعل لبنان يدفع ثمنه. وحذر بري من ان لبنان الذي يقع على قوس جغرافي مشتعل على طول الشاطئ الشرقي لحوض المتوسط، بدءاً من طرابلس الغرب في ليبيا مروراً في الساحل السوري وطرابلس في شمال لبنان وليس انتهاء بغزة، تتصارع فيه أجندات ومحاور اقليمية ودولية، لبنان واحد من ميادين هذا القوس، الهدف هو السيطرة على الثروات الهائلة والكامنة في أعماق مياه هذه المنطقة نفطاً وغازاً، فضلاً عن تأمين ممرات مائية نحو اوروبا ناهيك عن بيت القصيد وهو تمرير صفقه القرن وتصفية القضية الفلسطينية، وتحويل المنطقة الى اسرائيليات وكيانات عنصرية متناحرة”.

ترافق هذا الخطاب مع توزيع مقطع فيديو لمقابلة كانت اجريت مع المستشار الاعلامي السابق في القصر الجمهوري الزميل جان عزيز قبل عام ونصف العام تقريباً، حذر خلالها من معلومات تلقاها لبنان بوجود نية لعمل عدواني تجاهه. وسبقته تفسيرات لخطاب الامين العام لـ”حزب الله” الاخير من ان المواجهة للحرب الاقتصادية التي تشن على لبنان قد تفضي الى اتخاذ خيارات منها، وفق قراءة البعض، خيار الحرب مع اسرائيل لتنفيس الاجواء، بخاصة وان لبنان وصل الى حدّ أزمة مالية تهدد كيانه ومصير شعبه.

لكن “حزب الله” كانت له مقاربة مختلفة بعيدة عن التهويل بالحرب التي استبعدتها مصادر مقربة منه وقالت: لو قصد السيّد التهويل بالحرب لكان لوّح بها صراحة لكنه وبعكس ما فسر الكثيرون، كان القصد من حديثه ان يكون تطمينياً وهو آثر القول ان من يتقصّد سحب سلاح المقاومة من باب تجويعنا سنقتله”. فضلاً عن ان نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم قال بعدها بيوم ان معلومات “حزب الله” تفيد بأن اسرائيل غير ذاهبة إلى حرب، لا يرغب “حزب الله” في خوضها حالياً.

من وجهة نظر “حزب الله” فإنّ إسرائيل غير قادرة على شن حرب لإعتبارات عديدة منها الجبهة الداخلية وانقسام الحكومة، وهي لديها هم أساسي وهو ضم أراضي الضفة في وقت يلمح فيه الديبلوماسيون الفرنسيون الى ملامح انتفاضة ثالثة، يستفيد منها محور المقاومة ولذا ليس من المنطق التفكير بحرب من قبل اسرائيل.

يرى “حزب الله” أن الوضع على الجبهة الحدودية عادي ولا مؤشرات مقلقة وكل المعلومات المتوافرة لا تعطي انطباعاً بقيام حرب قريبة. في تقدير الأوساط أن ما حاول قوله بري مرتبط بمفاعيل قانون “قيصر” وهو يتلاقى مع ما سبق وقاله السيد نصر الله، الذي حاول ان يطمئن بيئته وجمهوره وحلفاءه الى عدم الخوف من الجوع واننا لن نُترك لقدرنا في نهاية المطاف، وهو ما قُدم على انه جرعة أمل للصبر والصمود وليس من المنطقي ان يكون في وارد حرب، لا سيما في مثل الظروف الحالية التي يعيشها لبنان… تلك الظروف التي لم تعد متصلة بحوار اكتمل عقد انعقاده او لم يكتمل، بل صارت المسألة تتعلق بتدهور مالي بلغ حداً يتجنب المسؤولون الاعلان عن حجمه صراحة. دخل الجميع في حالة طوارئ وورش عمل وبحث مستفيض عن حلول ومقترحات، ومن بينهم “حزب الله” الذي استنفر الخبراء الاقتصاديين الى ورشة لدراسة معمقة للأرقام وتقديم اقتراحات حلول. تؤثر الأوساط عدم الغوص في تفاصيل ما يتم اعداده لتكتفي بالقول ان البلد في أزمة، وكل كلام خارج إطار المعالجة لا قيمة له.