كتبت كريستينا جبر في صحيفة “الجمهورية”:
بعدما خرج شعار «المسار والمصير» مع آخر جندي سوري عبر الحدود اللبنانية إلى سوريا، إستعاد وزير الخارجية السوري وليد المعلّم في كلامه أمس الأول نغمة «تلازم المسارين»، على خلفية قانون قيصر، مُصرّاً على توريط لبنان بأزمة تتخطى قدرته الاقتصادية والمالية والوطنية، وعلى تحميله مسؤولية إنقاذ النظام السوري، فأعلن المعلم أنّ «النظام جاهز للتعاون مع لبنان في مواجهة قانون قيصر، لكن هذا لا يتم إلّا برغبة مشتركة وحتى الآن لا يوجد مثل هذا التواصل مع لبنان وعندما يرغبون سيجدون سوريا جاهزة». كذلك أشار إلى أنّه «لا ترسيم للحدود مع لبنان، ولن نقبل بنشر القوات الدولية على الحدود لأنّ ذلك يتم مع الاعداء»…
أثارت مواقف المعلّم ردود فعل اعتراضية عبّر عنها عددٌ من الأطراف السياسية في لبنان، مؤكّدين رفضهم القاطع التعاون مع سوريا في إطار «قيصر». فرأى عضو «كتلة المستقبل» النائب نزيه نجم، في حديثٍ لـ»الجمهورية» «اننا نتبع الميثاقية الدولية ونلتزم بالقوانين الدولية، فعندما تكون هنالك مشكلة لطرفٍ معيّن مع هذه القوانين تُرَتَّب عليه العقوبات، لا نقف في صفّ هذا الطرف»، مشدّداً على أنّ «سوريا هي سوريا ولبنان هو لبنان، فصحيح أنّنا بلدان شقيقان، إلّا أنّ كلّاً منّا يتمتّع باستقلاليته وحريته واقتصاده»، شاكراً المعلّم «على رغبته إلّا أنّها رغبة نتحفّظ تجاهها ونطالب بأن نبقى محميّين بالشرعية الدولية». وأشار نجم إلى أنّه «في حال اتّخذت الحكومة أيّ قرار يخالف هذه الشرعية، فتكون حكومة ساقطة أكثر ممّا هي ساقطة حالياً في الملف الإقتصادي. حكومة الـ97 في المئة هي من الأساس ساقطة فهل يثقل عليها المعلّم بحجر؟».
وقال: «الحكومة سقطت في الملف الإقتصادي، وأسقطت ثقة الدول بلبنان وأخفقت بإيجاد طرق تضمن استمرار وجودنا شكلاً ومضموناً في الإطار الدولي بالنسبة للمستحقّات، «فليتركها المعلم تعمل»، مع العلم أنني أدعوها إلى الإستقالة».
من جهته، رأى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال العبدالله، في حديث لـ»الجمهورية»، أنّه «آن الأوان لافتراق المسارَين المجموعين، هم يكفيهم ما لديهم من مشاكل وصعوبات، ونحن يكفينا ما عندنا من عقبات وإفلاس ومشاكل اقتصادية واجتماعية أيضاً»، معتبراً «اننا لسنا مضطرين على حمل أعباء النظام السوري. فهل نحتاج لعزلة إضافية بسبب قانون قيصر؟».
ولفت إلى «اننا لا نستطيع أن نفاوض صندوق النقد الدولي ونطلب يد المساعدة من الخارج وفي الوقت نفسه نقوم بخطى عكسية»، متسائلاً: «هل يقبل أيُّ شخص يملك حداً أدنى من الحسّ الوطني، أن يحمّل لبنان عبء قانون قيصر؟ البلد ينهار وينهي كلّ احتياطه من العملة الصعبة والدولار يرتفع بطريقة جنونية والأسعار نار وفرَص العمل انتهت، فماذا نريد أكثر من ذلك؟ هل سنتحمّل أعباء قانون قيصر مع النظام السوري؟ فلتُجب الحكومة والأكثرية التي تقف وراءها عن هذه الأسئلة».
وعلّق عضو «تكتلّ الجمهورية القوية» النائب وهبة قاطيشا على كلام المعلّم، في حديث لـ»الجمهورية»، متسائلاً: «بعد احتلاله لبنان واستمرار وجود اكثر من 600 معتقل في سجونه لا يفصح عن أماكنهم، يأتي الآن طالباً التعاون في قانون قيصر؟».
ورأى أنّه «وإن كان يريد التعاون، فعليه أن يوجّه سؤاله إلى الحكومة اللبنانية، والتي بدورها لا يمكنها أن تتخلّى عن أولادها المخطوفين، ولا أن تتعامل مع فريق في سوريا وليس مع دولة. ووليد المعلّم هو فريق من بين عدّة فرقاء يحكمون سوريا، فليس هنالك دولة رسمية إسمها سوريا ليتعامل معها لبنان».
وسأل قاطيشا أخيراً «ألا يكفي وليد المعلّم وجماعته ما فعلوه بنا؟ فيأتي الآن ليستنجد بالحكومة اللبنانية لمواجهة قيصر والعقوبات؟»، مؤكّداً أنّه «إذا قررت الحكومة اللبنانية التعاون معه، فإنّ الرأي العام سيسقطها حتماً».