كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
لم تترك الأزمات الاقتصادية والمعيشية الخانقة والمُتلاحقة للمواطنين مجالاً لالتقاط أنفاسهم المقطوعة أصلاً، ينامون كل ليلة على همومهم، ويصحون على أخرى جديدة، من الغلاء وارتفاع الأسعار والتلاعب بسعر صرف الدولار، الى المخاوف من فقدان البنزين والمازوت والتقنين القاسي بالتيار الكهربائي، الى اللحوم والخبز والحليب والأدوية، والحبل على الجرّار. تلوح في الأفق أزمة جديدة، بعدما انتقلت عدوى الشحّ في إخراجات القيد العائلي التي تشهدها دوائر النفوس في لبنان، ومنها صيدا منذ أشهر، وقبلها فقدان الطوابع البريدية، الى إخراجات القيد الإفرادي، اذ أكدت مصادر ادارية واختيارية لـ”نداء الوطن” وجود نقص حادّ في إخراجات القيد الإفرادي، على غرار ما يحصل للقيد العائلي، مُرجّحة أن تتوقّف بعض دوائر النفوس عن إصدارها قريباً بسبب فقدانها كلّياً، موضحة أنّ السبب يعود الى عدم قيام وزارة الداخلية بطباعة أوراق للقيد الافرادي المعمول بها منذ العام 2017، تاريخ اعتماد النموذج الحالي المُطوّر، بديلاً من النموذج القديم.
وثيقة جديدة
ويؤكّد مطلّعون أنّ وزارة الداخلية اتّخذت قراراً بإلغاء وثيقة إخراج القيد الإفرادي المعمول بها حالياً، واعتماد وثيقة بديلة عنها مُتطوّرة أكثر أمناً ومنعاً لأي تزوير، موضحين أنّ وثيقة القيد الإفرادي لن تُلغى، وهي ستبقى مُعتمدة الى جانب بطاقة الهوية للتعريف عن الأشخاص، ولكن، سيتمّ الغاء النموذج الحالي الذي يعتمد على كتابة المعلومات والأحوال الشخصية بخطّ اليد نقلاً عن الدفاتر والسّجلات الأساسية، بعد إعادة تأهيلها واعتماد طريقة جديدة بطباعة هذه المعلومات عبر كمبيوتر خاص وعلى أوراق خاصة، مُشيرين الى أنّ هذه العملية الجديدة لا دخل لها بالمكننة، وهي تعتمد كسابقاتها على الطريقة القديمة في نقل المعلومات الشخصية عن الدفاتر والسجلات الموجودة في دوائر النفوس، ولكنّ الجديد فيها فقط، هو طباعة هذه المعلومات على نموذج جديد، بدل كتابتها بخطّ اليد.
تدريب ونفاذ
وتستعدّ وزارة الداخلية لإجراء دورة تدريبية لجميع مأموري النفوس والموظفين لدى هذه الدوائر في لبنان. وحدّدت يومي الأول والثالث من شهر تموز المقبل موعدين لإطلاعهم وتدريبهم على كيفية العمل بها، بعد تزويد هذه الدوائر بأجهزة الكمبيوتر والأوراق والمعدّات اللازمة لها، في وقت استمرّ فيه العمل بقرار وزارة الداخلية القاضي بتجديد وثائق القيد العائلية القديمة للمواطنين بتواريخ جديدة، وإصدار نسخ طبق الأصل عنها، ما لم يطرأ عليها أي جديد، بديلاً من النسخ الأصلية التي لا تُعطى الا للمُضطرّين كالمتزوّجين حديثاً وللسفارات، ريثما تُحلّ هذه المعضلة، وسط بدء فقدان الطوابع البريدية من فئة الألف ليرة بعد نفاد الكمية التي تمّت طباعتها أخيراً.
حِراك احتجاجي
ميدانياً، وعلى وقع الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار والغلاء، أعاد حراك “صيدا تنتقض” النبض الى الشارع. فبعد وقفة احتجاجية لتجّار صيدا ومسيرة جماهيرية لـ “التنظيم الشعبي الناصري” و”لقاء التغيير من أجل لبنان ديموقراطي”، نظّم العشرات من الناشطين مسيرة راجلة الى عدد من المصارف، احتجاجاً على سياستها وسياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ضربوا على أبوابها غضباً، وكتبوا شعارات استنكار، ومنها يسقط حكم المصرف، يسقط نظام التجويع، مُهدّدين بتصعيد تحرّكاتهم في حال استمرّ الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأميركي والذي لامس أمس الـ 7200 ليرة لبنانية. كذلك، نظّم العشرات من السائقين العموميين وقفة احتجاح في ساحة الثورة عند “تقاطع ايليا”، واقفلوا الطريق لبعض الوقت احتجاجاً على تردّي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار الاميركي والغلاء وارتفاع الاسعار، فيما بقيت تعرفة أجرة النقل على حالها 2000 ليرة لبنانية فقط. ونظّم اهالي منطقة الشرحبيل – بقسطا وقفة احتجاج مُماثلة عند المدخل الغربي الجنوبي.
وأوضح الناشط وليد السبع أعين لـ”نداء الوطن” أنّ الوقفة هي الثانية خلال عشرة أيام ونيّف، للتعبير عن الوجع الذي وصلنا اليه بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار، ورسالتنا ان نقول للمسؤولين، الوضع لم يعد يُحتمل.. كفى”. ووصف الناشط خليل المتبولي البلد بأنه “فلتان وبلا حسيب ولا رقيب”، وقال: “الدولة ما فارقة معها وما في حدا سألان عن حدا.. شاطرين بس يطلعوا يعملوا خطابات وتصريحات وجلسات حوار وطاولات لا بتقدّم ولا بتأخّر. نحن نعيش بفوضى كبيرة، فوضى بالسياسة وبالإقتصاد وفوضى بالأمن وبالأسعار وبالمعيشة، ما حدا قادر يضبط شي، الأزمة الإقتصادية أدّت لتراجع القدرة الشرائية ولزيادة معدّلات التضخّم وغلاء المواد الإستهلاكية ما بين 40 و 60% مين قادر يتحمّل ويكمّل بهذه الطريقة وبالحياة؟ هل سنشهد مجاعة جديدة ونحن بالقرن 21؟”. وحذّر من اعلان العصيان المدني، خاتماً: “لن نستكين او نكلّ أو نملّ.. خلّوها ثورة الشعب على سلطة العجز والإنهيار”. وحذّرت الناشطة الطالبة نادين الخطيب “من محاولة شيطنة أي حراك شعبي بالتحريض الطائفي والمذهبي، أو من يحاول أخذ الأمور إلى غير مجراها بالفوضى في الشارع.. ونقول لهم إن أبناء شعبنا لديهم ما يكفي من الوعي لمواجهة هذه الموجات الشاذة”، مُعاهدة “وطننا لبنان أن نواجه الفساد وأزلامه كما واجهنا وسنواجه العدو الصهيوني وعملاءه”.