Site icon IMLebanon

 السنيورة: هناك تقصير من عون والحكومة!

اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة أن “الدعوة إلى اللقاء الوطني في بعبدا، لا تعالج حقيقة المشكلات التي يعاني منها لبنان، إذ أن هذا اللقاء يتطرق الى بعض ظواهرها. فنحن واللبنانيون نرى بأم العين ان هذا المؤتمر، بالدعوة التي وجهت وكما ظهر في البيان الذي انبثق منه هذا اللقاء، أنه تطرق فقط الى ظواهر المشكلات وليس الى أصلها. نحن تابعنا هذا المؤتمر وعبرنا عن موقفنا، بداية من خلال البيان الذي أصدره الرؤساء السابقون للحكومة وشاركنا فيه عدد آخر من المدعوين الى هذا المؤتمر اعتذروا عن عدم الحضور والمشاركة”.

وقال في حديث عبر قناة “الحدث” من محطة “العربية”: “من ظواهر هذه المشكلات أن هناك من اندس في التظاهرات في وسط طرابلس وبيروت وخربوا وبالتالي هددوا السلم الأهلي. هذا الجانب من المشكلة يجب ان يعالج بداية من خلال القبض على جميع المندسين، ومن يريد أن يعرف أكثر ماذا حصل، ما عليه إلا أن يتابع ما تلفظ به المندسون من عبارات في التظاهرات في ليالي السادس والحادي عشر والثامن عشر من حزيران، وهم الذين قاموا بالتخريب، وبالتالي يمكن، وبطريقة سهلة، التعرف على من هم وراء تلك الأعمال التخريبية والطلب إليهم بقوة ان يتوقفوا عن ذلك. لكن المشكلة التي يعاني منها لبنان موضوع الانهيار في سعر صرف الليرة. الواقع ان هذا الانهيار ناتج من انهيار كبير في الثقة لدى اللبنانيين في الحكومة والعهد، والسبب في ذلك أن هناك قصورا وتقصيرا من الحكومة ومن فخامة الرئيس في معالجة أصل المشكلات التي هي أن هناك تخوفا يتفاقم لدى الكثير من اللبنانيين مما سيكون عليه الغد بسبب انهيار سعر صرف الليرة، وذلك يؤكد أن هناك استعصاء مستمرا في عدم القيام بالإصلاحات التي يحتاجها لبنان وفي عدم تطبيق القوانين التي أقرها مجلس النواب منذ سنوات وما زالت غير مطبقة. هذه الأمور كلها أدت الى هذا الفقدان الكبير في الثقة لا بل في انهيارها”.

وردا على سؤال عن المسؤولية المشتركة بين كل الحكومات المتعاقبة في وصول الوضع السياسي والاقتصادي الى هذه الدرجة من التأزم، أجاب: “نحن لا ننكر هذا على الإطلاق، بل نؤكد أن هذه المشكلات ليست وليدة عمل هذه الحكومة أو نتيجته، ولكن نحن نتحدث الآن عن المعالجات المطلوبة. هناك تنكر قديم لدى عدد من الحكومات السابقة في عدم القيام بالإصلاحات المطلوبة على أنواعها، المالية والنقدية والقطاعية والإدارية، وهذا أمر تسبب في ما تسبب به حتى الآن بمشكلات كبيرة، ولكن هذا الأمر تفاقم كثيرا خلال السنوات العشر الماضية وتفاقم أكثر خلال السنوات التي أصبح فيها الجنرال عون رئيسا للجمهورية. نحن الآن ننظر الى سبل القيام بالمعالجات، وهنا يأتي دور هذه الحكومة، وهنا نحاسبها على تلكئها خلال الفترة التي تولت فيها المسؤولية، عن عدم القيام بالإصلاحات التي كان بإمكانها أن تقوم بها خلال الفترة التي تسلمت فيها مسؤولياتها. تقول الحكومة إنها تريد معالجة مشكلة السلم الأهلي، وهو عنوان الدعوة التي أرسلها فخامة الرئيس للمدعوين. السلم الأهلي يعالج من خلال معالجة أمرين، أولا السلاح المتفشي والمتفلت وثانيا الأوضاع المعيشية المتدهورة”.

أضاف: “بالنسبة إلى السلاح المتفشي والمتفلت من أي ضوابط وعدم وجود آلية تضمن للبنانيين أمنهم بسبب وجود سلاح حزب الله الذي كانت له شرعية في الماضي، عندما طرح في الثمانينات من القرن الماضي من أجل ان يحمي لبنان على أساس ان بندقيته موجهة ضد العدو الإسرائيلي، لكن إذ بنا نجد بعد العام 2000 ان هذه البندقية بدأت تتوجه الى صدور اللبنانيين، وبعد ذلك ايضا الى صدور السوريين. وهذه البندقية تحولت بعد ذلك الى أكثر من بلد عربي كالعراق واليمن والكويت وغيرها. هذا هو جوهر المشكلة التي أصبح يشكو منها اللبنانيون بسبب استمرار هذا السلاح المتفلت من أي ضوابط والذي يتهدد بموجبه السلم الأهلي وكذلك تتهدد به التوازنات الدقيقة للبنان في المجالين الداخلي والخارجي. أما الأمر الثاني الذي يؤثر على السلم الأهلي فهو الوضع المعيشي الناتج من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والتي أدت، ولا سيما خلال السنوات العشر الماضية، الى تراجع النمو الاقتصادي وتفاقم العجز في الموازنة والخزينة وفقدان الفوائض في ميزان المدفوعات وارتفاع نسبة الدين العام الى الناتج المحلي. كل هذا التدهور المستمر وضع لبنان واللبنانيين أمام هذه المشكلات المتفاقمة. السؤال الآن كيف ينبغي علينا أن نحل هذه المشكلات؟ حتما ليس بأن نعمد الى معالجة ظواهر هذه المشكلات بل بالعمل على التصدي للأسباب الحقيقية وراء ذلك التدهور”.

وشدد على أن “هذه الحكومة، خلال الفترة التي تولت فيها مسؤولياتها، أظهرت بشكل واضح وصريح أنها عاجزة عن القيام بأي عمل يؤدي الى المبادرة للقيام بالإصلاحات، أضيف الى ذلك أيضا التردي الناتج من القبضة الهائلة التي يمارسها حزب الله على هذه الحكومة وعلى لبنان ككل، والتي ترسخت وتفاقمت أخيرا بعد التعيينات الأخيرة. هذه الحكومة تتحدث كثيرا عن موضوع الإصلاح وهي تفقد الكثير من الاجتماعات وتعمل على تأليف العديد من اللجان، ولكنها تنتهي الى لا شيء”.

وقال: “الإصلاح الحقيقي يبدأ بإرادة حازمة وبتوجه حقيقي من فخامة رئيس الجمهورية ومن هذه الحكومة، وبالتأكيد في المقام الأول باستقلالية القضاء. هناك استعصاء من فخامة الرئيس لجهة عدم مبادرته الى التوقيع على المراسيم العائدة للتشكيلات القضائية، وهي بحسب القانون وبعد ان أقرها مجلس القضاء الأعلى وأعاد تأكيدها مرة ثانية، أصبحت تعتبر نهائية، ويصبح الرئيس، التزاما بالقانون، مضطرا لتوقيعها، وبالتالي فإن صلاحية رئيس الجمهورية في توقيع هذا المرسوم أو عدمه، أصبحت مقيدة بحسب القانون، وعلى الرغم من ذلك هو يستعصي ويتمنع عن القيام بذلك، مما يعطي صورة سيئة جدا للبنانيين في مسألة شديدة الأهمية وتتعلق باستقلالية القضاء. وهناك استعصاء آخر من الحكومة من خلال عدم القيام بما يطالب به اللبنانيون والمجتمعان العربي والدولي والمنظمات الدولية لجهة تأكيد الحكومة ضرورة القيام بإصلاح قطاع الكهرباء. واستغربنا كثيرا حين قامت هذه الحكومة بموقف شجاع قبل عشرة أيام واتخذت قرارا بصرف النظر عن إقامة معمل سلعاتا لتوليد الكهرباء، ولكن استغرابنا لم يطل، إذ بها تستدعى من فخامة رئيس الجمهورية بعد ثلاثة أيام ليتراجع كل وزير من أولئك الوزراء، بمن فيهم رئيس الوزراء عن تلك القرارات التي اتخذوها، وبالتالي تراجعت الحكومة. أي اصلاح وأي إرادة وأي سمعة يراها اللبنانيون في ذلك؟ وكيف للبنان ان يستعيد ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي؟”

وردا على سؤال أجاب: “نعم هذه الحكومة ليست فقط غير قادرة إنما على ما يبدو لا تريد. فمثلا أقر مجلس النواب قبل أسبوعين قانونا لجهة اعتماد آلية تعيينات جديدة لموظفي الفئة الأولى في إدارات الدولة ومؤسساتها والتي ينبغي أن تكون مبنية على مبادىء الجدارة والكفاءة وأيضا التنافسية والشفافية. للأسف تمنعت الحكومة عن التزام هذا القانون الذي أقره مجلس النواب وأصدره، وبالتالي عادت الحكومة في تلك التعيينات الى الخضوع لضغوط التقاسم بين الأحزاب الطائفية والمذهبية لتلك المناصب الحكومية، أي تقاسم أشلاء الدولة. ما هو هذا الإصلاح الذي يتغنون به ولا يقومون به؟ هذا هو جوهر المشكلات التي ويا للاسف نرى كيف ان هذه الحكومة تعبر في أدائها وكذلك عدم أدائها، عن فشلها. اللبنانيون هم الآن في أمس الحاجة إلى أن يصار الى وضع الأمور في نصابها من هذه الحكومة ومن فخامة رئيس الجمهورية، ولكن يا للاسف، لا يجدون من يتجاوب معهم. كنا نأمل أن يبادر فخامة الرئيس إلى مصارحة اللبنانيين ومخاطبتهم بأنه مستعد لأن يؤكد العودة الى احترام الدستور والقوانين، وأنه على استعداد لكي يخطو كل الخطوات التي تستدعيها عملية استعادة الثقة التي انهارت بين اللبنانيين والدولة، ولكن ذلك لم يحصل، لا قبل عقد هذا اللقاء ولا في المباحثات خلاله ولا كان ضمن البيان الصادر عن ذلك اللقاء”.

وردا على سؤال آخر قال: “المسألة ليست تصفية حسابات على الاطلاق، لأن الدعوة كان يفترض أن يسبقها ما يؤشر الى استعداد الحكومة وفخامة الرئيس للقيام بأمر يمهد لاستعادة الثقة. لو انه استبق هذه الدعوة بتوجه حقيقي نحو الإصلاح والتأكيد مرة ثانية ما اتخذ من قرارات في الجلسات السابقة للحوار وأكدته حكومات ماضية وتحديدا ما يسمى إعلان بعبدا من أجل تحييد لبنان عن الصراعات العربية والإقليمية والحفاظ على الدور القومي العربي للبنان في الموضوع الفلسطيني وموضوع الاحتلال الاسرائيلي وغيره، لكان في ذلك خطوة مقدرة ومشكورة. على العكس من ذلك، ظهر واضحا من ذلك البيان الختامي أنه تم التخلي عن إعلان بعبدا وغيره. المؤسف ان جميع الذين كانوا في الحوار اليوم كانوا موجودين في الاجتماعات في بعبدا العام 2012 وهم أقروا إعلان بعبدا بالإجماع، ولكن للأسف هم الآن يتخلون عنه وينكرونه وهو الإعلان الذي تلاه بنفسه الرئيس بري في العام 2012”.

ولفت إلى أن “المجتمعين تعرضوا في البند الخامس من البيان الذي صدر عنهم، لشيء غريب وخطير. بداية في اعتبار هذا الاجتماع اجتماعا تأسيسيا وأنهم عازمون أيضا على التطرق لمسألة تعديل الدستور، وهو الأمر الذي يعتبر فعليا انقلابا حقيقيا على الدستور. وبدلا من ان يبادر هذا اللقاء الى التركيز على معالجة المشكلات والعودة الى احتضان جميع المكونات والفرقاء السياسيين وتأكيد اتفاق الطائف والدستور والعمل على جمع جهود اللبنانيين لاستعادة الثقة والمبادرة الى القيام بالإصلاحات المطلوبة، إذا بهم يعملون على إدخال مشكلة جديدة، بدها حلم الله. وبالنسبة إلى موقف الرؤساء السابقين للحكومة ومعهم من عارض واعتذر عن عدم حضور هذا اللقاء، وكذلك الموقف الذي عبر عنه الرئيس سليمان وتيمور جنبلاط اللذان حضرا وأدليا بوجهة نظرهما، جرى للأسف التنكر لهما ولكل ما عبر عنه المدعوون المعتذرون”.

وقال: “لم نقم بما قمنا به وعبرنا عنه لنضع العصي بالدواليب. على العكس من ذلك، نحن كنا نتمنى ان ينجح المشاركون في اللقاء ويقوموا بمعالجات صحيحة وحقيقية لمشاكل السلاح والأوضاع المعيشية وبتأكيد إعلان بعبدا والرغبة بالنأي بالنفس، كما عبرت عنه جميع الحكومات السابقة بكل بياناتها الوزارية وفي عدد من القضايا الهامة، التي يا للأسف أصبحت حبرا على ورق ولم يتم التقيد بها. على العكس من ذلك، خسرنا ثقة العالم بنا. هذا هو الأمر الذي كنا نتمنى ان يبادر المشاركون في هذا الحوار إلى التصدي اليه، ولكن على ما يبدو هناك بيان معد مسبقا كان يتوجب على المجتمعين التقيد به. للأسف لم يجر التصدي لا لمشكلة السلاح ولا للمشكلة الاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون نتيجة الانهيار في سعر صرف الليرة. هذا الانهيار في سعر الصرف لا يعالج عبر الإجراءات الزجرية أي من خلال استعمال العصا. لا يمكن ذلك ان يؤدي الى أي نتيجة إيجابية في مسألة وقف انهيار الليرة عبر استعمال العصا. لا يتم خفض سعر صرف العملات الأجنبية عبر استعمال العصا. سعر صرف الليرة يتحسن من خلال استعادة ثقة اللبنانيين بالدولة والمسؤولين وفخامة رئيس الجمهورية والحكومة. هذه هي الطريقة الوحيدة الممكن اعتمادها وتحققيق من خلالها نتائج إيجابية”.

أضاف: “هناك إجراءات يجب اتخاذها، سهلة وبسيطة ولا تحتاج الى جهد كبير. فمثلا ان يبادر فخامة رئيس الجمهورية الى توقيع مرسوم التشكيلات القضائية، وبذلك يوجه رسالة حقيقية وبسيطة ومباشرة الى اللبنانيين والى جميع المهتمين بلبنان ويكون لها انعكاس إيجابي على سعر صرف الليرة. ان تقوم الحكومة باتخاذ القرارات العائدة لإصلاح قطاع الكهرباء بشكل سليم، له انعكاس مباشر على سعر صرف الليرة. أن تلتزم الحكومة معالجة صحيحة لمشكلة التعيينات واعتماد الآلية الصحيحة لذلك. أن تلتزم الحكومة معالجة اغلاق المعابر غير الشرعية وضبطها. أن يبادر الرئيس والحكومة الى الدعوة إلى البحث في قضية الاستراتيجية الدفاعية التي لها فعل السحر على خفض سعر صرف الدولار في لبنان. هذه هي بداية الطريق التي يمكن للحكومة ان تسلكها لمعالجة الأوضاع المتردية. وغير ذلك كلام انشائي لا يؤدي الى أي نتيجة. لا بد لي من القول ان قسما من هذا التردي في سعر صرف الليرة ناتج من ان هناك من يتلاعب بسعر الصرف، ولكن من؟ الحقيقة ان هناك من يفتح الشباك من اجل حدوث هذه الفوضى وهو ما يسمى ORTIEIGATED INFLATION أي التضخم المرتقب”.

وختم السنيورة: “أعتقد ان الطريقة التي ينبغي ان تعالج بها الأمور بطريقة مؤسساتية صحيحة، أن نذهب فعليا إلى تطبيق الإصلاحات التي يحتاجها لبنان وأقرها المجلس النيابي بقوانين ويطلبها اللبنانيون”.

من جهة أخرى، أجرى السنيورة حديثا مع قناة تن العاشرة، كرر فيها مواقفه السابقة من لقاء بعبدا. وقال: “تمت الدعوة الى هذا اللقاء من دون التحضير الصحيح وخلافا للنصائح التي وجهت لرئيس الجمهورية بأهمية التروي، وما نصح به غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بالإعداد والتصحيح اللازم لهذا اللقاء، وبأهمية اجراء المقاربة الصحيحة للمشكلات التي تعاني منها البلاد، وبالتالي السعي الحقيقي من رئيس الجمهورية ليعد جيدا لهذا اللقاء من اجل ان يجمع اللبنانيين على توجه حقيقي يؤدي الى ولوج باب الإصلاح الحقيقي والشجاع”.

وشدد على أن “المطلوب كان تأكيد اتفاق الطائف وضرورة استكمال تطبيق كافة بنوده”.