كل المؤشرات والمعطيات تدل بكثير من الوضوح أن موعد الانفجار الاجتماعي في لبنان بات قاب قوسين، بعد اكتمال صورة هذا المشهد المخيف الذي ينتظر بلدا” فقد مسؤولوه أدنى إحساس بالمسؤولية”، في وقت يرزح اللبنانيون ومنذ أشهر عديدة تحت وطأة أزمة معيشية خانقة، استفحلت على نحو بالغ الخطورة في المدة الأخيرة، مع خروج صورة المآسي الاجتماعية المروعة التي لم يشهدها لبنان، حتى في عز الحرب اللبنانية، دون أن تبادر السلطة إلى اتخاذ الإجراءات المطلوبة لوقف الانهيار الذي يطرق الأبواب وينذر بالأسوأ.
وفيما هدد وزراء جدياً بالاستقالة إذا لم تنجح الحكومة في فرض هيبتها، وتعمل على الحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتكشف هوية المتلاعبين بالدولار ومن يقف وراء الارتفاع الجنوني في سعر صرفه، أكدت مصادر نيابية معارضة لـ “السياسة”، أن “أداء العهد المخيب هو الذي أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه”، معتبرة أن “الأمور في ظل الحكومة الحالية بلغت مستوى خطيراً من التراجع والانهيار على المستويات كافة، ما يحتم البحث في تشكيل حكومة جديدة مستقلة، لا تضم أياً من الأحزاب والقوى السياسية، وتأخذ على عاتقها مهمة إخراج لبنان من المأزق”. وفي السياق، طالب النائب شامل روكز، بـ “تشكيل جسم قضائي نزيه أساسه العدل والنزاهة والحفاظ على حرية التعبير واحترام الآخر”.
وشدد على “وجوب إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتشكيل حكومة مستقلة فعليا وإعطائها صلاحيات استثنائية من أجل اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة وأن ساعة الصفر اقتربت ولن نقبل بعد اليوم أن تبقى حياتنا مرهونة بقرارات عشوائية بالتعامل مع كل اللبنانيين”. ومن جانبه، اعتبر رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، أن “أهم شيء وحدة الصف والتضامن والتكافل، فالليرة في انهيار، ولا نريد الانفعال وقطع الطرق كما يفعل غيرنا في مناطق عدة، لأن قطع أي طريق في منطقتنا فإنما نقطعه على أنفسنا، ونحن نقوم بجهد مع محسنين لتوفير الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي كالقمح أو المازوت وغيرهما، لكن الحياة السابقة والرفاهية انتهت وسنعود الى التقشف كما حياة الاجداد”. وتوقع جنبلاط المزيد من انقطاع الكهرباء والتقنين وكذلك مادة المازوت، ولفت الى غلاء اللحوم والسلع الغذائية “الامر الذي يتطلب تحصينًا لمقومات العيش”. وشدد النائب السابق فارس سعيد، على أنّه “ليس صحيحاً أن لا حلّ للخروج من أزمة لبنان”، مُعتبِرًا أنّ “الحلّ واحد، هو رفض المساكنة بين الجمهوريّة وسلاح حزب الله”.
وفي انعكاس لتردي الأوضاع الاقتصادية، أكد مصدر في وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، أن “حالات الهجرة من لبنان لا يمكن توقعها في ظل الحديث عن رغبة 40% من الشباب اللبناني في المغادرة، بسبب انسداد الأفق والتحديات الاقتصادية الصعبة وزيادة نسبة البطالة لحدود تفوق 50%”.