لم تكن استقالة المدير العام لوزارة المالية ألان بيفاني صباح الاثنين مفاجئة بالنسبة لأوساط مالية متابعة، التي اشارت لـ”وكالة أخبار اليوم”، إلى ان بيفاني في الشكل أن تحدث استقالته صدمة علّه يعيد بعضاً من التوازن إلى طروحاته ومشروعه المالي تحت العنوان العريض المسّمى “الخطة الحكومية للإصلاح المالي”، إنما لن تؤدي الغرض المطلوب منها على الإطلاق.
واكدت الأوساط المالية أن بيفاني شعر بخسارة معركته للدفع باتجاه المضي قدماً بخطة الحكومة المالية، وذلك بعد الإنجاز الذي حققته لجنة تقصي الحقائق النيابية المنبثقة من لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، والتي بارك عملها رئيس مجلس النواب وعاد واقتنع بنتيجة طرحها رئيس الحكومة حسان دياب ساعياً إلى وقف الفضيحة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي عبر اعتماد الأرقام التي توصلت إليها اللجنة النيابية كخلاصة موحدة للإنطلاق بها مجدداً في البحث مع صندوق النقد.
عند هذه النقطة، وإزاء توقعه بأن يقدم الرئيس دياب على تغيير أعضاء الوفد المفاوض مع صندوق النقد، والمؤلف أساساً من مستشارين أثبتوا فشلهم في مهماتهم، وخصوصاً في ظل المعلومات التي تحدثت عن قيامهم بالتدخل مع صندوق النقد للضغط على الحكومة لعدم تغيير الأرقام بما أوحى بأنهم يعملون لمصلحة صندوق النقد وليس للمصلحة اللبنانية، لجأ ألان بيفاني إلى تقديم استقالته على أمل أن يرفضها وزير المال وإلا الحكومة ما يعيد إليه الاعتبار للضغط مجدداً لاعتماد أرقامه الكارثية لحجم الخسائر في المفاوضات مع صندوق النقد.
وكشفت الأوساط المالية أن بيفاني يعمل جاهداً لإسقاط القطاع المصرفي اللبناني بما يعني الإجهاز على ودائع اللبنانيين وحقوقهم ومدخراتهم، علّه بذلك يُسقط حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعدما بات واضحاً أنه يسعى لخلافته في منصبه. وهذا يستلزم تحميل المودعين والقطاع الخاص اللبناني تبعات كل فساد الطبقة السياسية وهدرها للمال العام وسوء إدارتها، ولذلك بنى الخطة على قاعدة اعتبار كل الاستحقاقات المالية للدولة حتى العام 2044 بمثابة خسائر مستحقة اليوم يجب تحميلها للمودعين بما يعني ذلك غياب أي نية إصلاحية لدى الحكومة الحالية وبما تعنيه أرقام الخسائر هذه من أن الحكومة لن تنفّذ أي بند إصلاحي، وفي الوقت نفسه بنى بيفاني الخطة على اعتبار أن الحكومة ستحصل على 21 مليار دولار، 10 مليارات من صندوق النقد و11 ملياراً من “سيدر”، في حين أن هذه الأموال مشروطة بالإصلاحات وهو ما يشدد عليه صندوق النقد والمجتمع الدولي، ما جعله في تناقض فاضح، فإما أن الحكومة ستقوم بالإصلاحات وبالتالي لا يجوز اعتماد رقم الـ241 ألف مليار ليرة للخسائر، وإما لا إصلاحات وبالتالي لا يجوز البناء على أن لبنان سيحصل على 21 مليار دولار من المساعدات!
وبعد سلسلة الفضائح التي تكشّفت والنكسات التي مُني به مشروعه، لم يبقَ أمام بيفاني إلا لعبة الاستقالة علّ الحكومة ترفضها ما يمكّنه من العودة لمحاولة تعزيز موقعه التفاوضي لأنه سيهدد برفض العودة عن الاستقالة ما لم يبقَ أساسياً في الوفد التفاوضي مع صندوق النقد، وهو ما بات يرفضه رئيسا الحكومة ومجلس النواب.