ما زالت تداعيات قرار القاضي محمد مازح بمنع وسائل الإعلام المحلية من إجراء أي مقابلة مع السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، لمدة سنة مع التهديد بعقوبات، تتفاعل بين مؤيد للقرار ورافض له. فما الذي يحكم العلاقة بين الدبلوماسي والبلد المعتمد لديه؟
وزير الخارجية الاسبق فارس بويز أكد لـ”المركزية” “ان كافة اعمال السفراء والدبلوماسيين المسجلين في وزارة الخارجية والمعتمدين قانوناً لدى لبنان تدخل ضمن الممارسة السياسية الدبلوماسية وتخضع لاتفاقية فيينا وتتمتع بالحصانة الدبلوماسية المطلقة وهي من اعلى الحصانات في العالم، وتشمل حتى الجرم المشهود، فكيف بالحري موضوع تصريحات او مواقف سياسية”، مشددا على “أنها تخرج عن سلطة القضاء بمعنيين: اولا، لا قدرة للقضاء على تنفيذ اي حكم على دبلوماسي بسبب اتفاقية فيينا وثانيا، الدبلوماسي يخضع فقط لعلاقته بوزارة الخارجية، من هنا ان كان فعلا الدبلوماسي قد اصدر بيانا او تصريحا يُعتبر مهيناً او غير مهين للدولة، فعلى وزير الخارجية حصرا استدعاؤه وابلاغه الموقف اللبناني”.
وأوضح بويز “أن هناك 3 درجات من المواقف تجاه الدبلوماسي يمكن ان يلجأ إليها وزير الخارجية: الاولى نوع من توبيخه او تحذيره والثانية اعتباره persona non grata اي شخصا غير مرغوب به والطلب اليه مغادرة البلاد وانهاء اعماله في البلاد والثالثة قطع العلاقات الدبلوماسية ان لزم الامر. هذا يعود لتقدير الحكومة وليس القضاء الذي لا سلطة له في هذا الشأن على الاطلاق، لأنه في النتيجة لن يستطيع تنفيذ قراره”.
وأضاف: “اما في ما يتعلق بمنع وسائل الاعلام من نقل تصريحات سفير اجنبي، اولا هذا قرار في غير محله لأن لبنان بلد يصون فيه الدستور حرية التعبير وهو من صلاحية محكمة المطبوعات وليس قاضي امور العجلة وثانياً، هذا الموضوع لا قيمة له، لأن باستطاعة السفير ان يصرح او تستطيع حكومته ان تصرح من الخارج، ويمكن لجميع اللبنانيين في بلد حر أن يسمعوا تصريحاته عبر الاقمار الاصطناعية. اذاً هذا القرار غير ساري المفعول لا حيال السفراء والدبلوماسيين الاجانب ولا حيال الجمهور اللبناني الذي يُحرَم من الاطلاع على مواقف الدول ولو كانت لا تعجبه او تعجبه”.
ورأى “ان علاقة السفير، مهما فعل، محصورة بوزارة الخارجية، بشخص وزير الخارجية وليست من صلاحية او سلطة القضاء اللبناني وتعتبر تصريحاته عملا سياسيا بامتياز وليس عملا قانونيا، وبالتالي لا تخضع الى سلطة القضاء بل فقط الى اصول التعاطي بين الدول من خلال اتفاقية فيينا”، لافتاً إلى “ان اتفاقية فيينا هي اتفاقية دولية، تعلو القانون اللبناني، فلا يستطيع اي قاض، بالاستناد الى قانون لبناني ضرب اتفاقية دولية، التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور ومن ثم يليها القانون”.