كتبت كارول سلوم في صحيفة “اللواء”:
في آخر إطلالة لها صرحت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا بأنه «لا يوجد سبب حتى الآن لتوقع حدوث انفراج للأزمة الاقتصادية في لبنان»؛ كلامها هذا بدا وكأنه إقرار بشيء ما في الوقت الذي يستكمل فيه لبنان مفاوضاته مع ممثلي الصندوق، وبالرغم من استقالة مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني، عضو اللجنة التي تفاوض الصندوق، فعلى الأرجح هناك أكثر من جلسة في خلال هذا الأسبوع.
فإن يصدر هذا الموقف من المسؤولة الرئيسية في الصندوق، فإنه يحمل ما يحمله وسط التدهور السريع للوضع وازدياد حالات الفقر والعوز لدى اللبنانيين وغياب أي أفق للحل. فهل بَدّل الصندوق الذي يعدّ سبيلاً للخروج من الأزمة، رأيه من مساعدة لبنان؟
في هذا السياق، يقول الوزير السابق كميل ابو سليمان لـ«اللواء» ان «السيدة جورجيفا لم تقل ان الصندوق تخلى عن لبنان، فالمفاوضات مستمرة بين الصندوق ولبنان على ان ما يجب التوقف عنده هو ان الصندوق لم يلمس حتى الآن جدية كافية لدى الجهات اللبنانية في تطبيق الإصلاحات كما انه يلاحظ ان هناك صورة تظهر انعدام وجود وحدة بين القوى الفاعلة لتطبيق هذه الإصلاحات والإجراءات التي يطلبها الصندوق».
وعما اذا كانت استقالة بيفاني تؤثر على عملية التفاوض مع الصندوق، يشير الى انه «مع احترامه لبيفاني فإن هناك استمرارية لعمل المرفق العام، واستقالته لن تؤثر على عملية التفاوض الجارية». ويضيف: «كفى مضيعة للوقت ومن الضروري الاستعجال في التواصل مع الصندوق اذ ان كل يوم تأخير له تداعياته على الناس والوظائف والافلاسات»، مطالبا بوقف «تضييع الوقت في تشخيص الخسائر والاتفاق والتركيز على الحلول».
ويقول أبو سليمان ان «موضوع التشخيص يعود الى الصندوق الذي لن يقدم على برنامج المساعدات ما لم يكن مقتنعا بالأرقام ومرتاحا»، ويشير الى انه «بغض النظر عما اذا كانت خطة الحكومة جيدة ام لا وعلى الرغم من ملاحظاته العديدة على الحلول فإن الخطة انجزتها الحكومة وما من احد يدافع عنها»، كما يؤكد انه «لا يمكن تحميل المودعين والمصارف الخسائر»، ويعرب أبو سليمان عن اعتقاده أن «ما من أحد عرض الحل الجديّ الا صندوق النقد الذي يشكل المعبر في شروط التفاوض مع حاملي سندات اليوروبوند»، مشيرا الى ان «ثمة إصلاحات من الضروري والبديهي أن يطالب بها الصندوق وهي الإصلاح الجدي في قطاع الكهرباء والسيطرة على المعابر غير الشرعية والحد من التهريب الجمركي واقرار قوانين ملحة وضرورية واهمها قانون استقلالية القضاء وقانون المشتريات العامة وتفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد».
ويؤكد أبو سليمان الذي يكشف ان «مطالب الإصلاح التي رفعها منذ فترة مع هيئات المجتمع المدني الى الصندوق لاقت تجاوبا». وان «تغيير النمط المتبع في الدولة أمر لا بد منه».
ويشير أبو سليمان الى انه «لا يرى حلا لوقف تدهور سعر العملة الا باستعادة الثقة وتأمين السيولة»، مكررا أهمية تطبيق الإجراءات البنيوية، داعياً الى «عدم تضييع الوقت والسير في الاتجاه الصحيح، والحوكمة والهيئات الناظمة مسألتان مهمتان في إطار الإصلاحات»، ويؤكد ان «عمل الصندوق متواز وقد تكون سياسات بعض الأفرقاء في لبنان اثرت سلبا على استعداد بعض الدول ومنها العربية لتقديم المساعدة».