كتبت راجانا حمية في صحيفة “الأخبار”:
عشية تسجيل عداد الإصابات بكورونا 33 إصابة، تفتح البلاد «باب» مطار بيروت بعد أربعة أشهرٍ ونصف شهر من الإقفال. ولما كان الخيار لا بديل منه، فعلى الدولة أن تعي أن البقاء في مرحلة الاحتواء قد لا يطول. وما يعزز هذه الفرضية هو إجراءات التعامل مع العودة التي حُصرت بفحوص الـpcr، والتعويل على «ضمير» العائدين
يستعيد مطار بيروت الدولي، اليوم، بعضاً من «عافيته»، بعد قرار فتحه جزئياً أمام العائدين. فبعد أربعة أشهرٍ ونصف شهر على إقفالها بسبب فيروس «كورونا»، تعود صالات المطار، ابتداءً من صباح اليوم، لاستقبال 2000 وافد يشكّلون أقل من 10% من القدرة الاستيعابية لهذا المرفق (تحط اليوم سبع رحلات لشركة طيران الشرق الأوسط وتسع رحلات أخرى لشركات عربية وأجنبية). مع ذلك، تبقى هذه النسبة أفضل ما يمكن «تحصيله»، في ظل الواقع الذي يفرضه فيروس كورونا، إذ لا طاقة اليوم على عودة كاملة قد تجرّ البلاد إلى حافة المحظور.
ورغم ضآلة أعداد العائدين، إلا أن اتخاذ هذا القرار ليس بالأمر السهل، خصوصاً مع الاتجاه التصاعدي لعدّاد الإصابات الذي سجّل أمس 33 إصابة دفعة واحدة، وما تسوقه التوقعات من احتمال تسجيل مزيد من الإصابات، مع عودة كثيرين من بلدان ينتشر فيها الفيروس.
ابتداءً من اليوم، البلاد ستكون أمام تحدي العودة التي إما تبقي الوضع كما هو في مرحلة الاحتواء أو تنقله إلى المرحلة الأخطر، وهي مرحلة الانتشار. و«قطعاً للطريق» أمام السيناريو الأسوأ، تتلاحق منذ أيام التعاميم الصادرة عن إدارة المطار والطيران المدني ووزارة الأشغال العامة والنقل حول الإجراءات الواجب اتخاذها. ولعل القاسم المشترك بين تلك التعاميم هو ما يتعلق بإجراء فحوص الـpcr، إذ لأنه لم يعد بالإمكان «إقفال» البلاد أكثر، يعوّل المعنيون على معيار فحص الـpcr «المزدوج». ففي ظل التوجه نحو إلغاء الحجر الإلزامي، كان القرار بإجراء العائدين فحوصات في البلاد الآتين منها قبل 96 ساعة من موعد العودة. غير أن هذا الفحص لن يعفي حامله من الخضوع مرة جديدة للفحص نفسه فور وصوله إلى المطار، على حساب شركة الطيران. أما في البلاد التي لا تتوافر فيها الفحوص، فيخضع العائدون منها لفحصين إلزاميين في المطار، واحد يرافق لحظة العودة على حساب الشركة، فيما يدفع العائد ثمن الفحص الآخر بعد ثلاثة أيامٍ من الحجر الإلزامي. ويتم إعلام هؤلاء بالنتائج من خلال رسالة نصية.
وبحسب فادي الحسن، مدير المطار والمدير العام بالتكليف للطيران المدني، بات الـ pcr المعيار الأساس مع خيار فتح البلاد، وإن كان ليس خياراً مضموناً، خصوصاً مع «تزوير البعض لتقارير الفحوص في الخارج». مع ذلك، لا خيارات بديلة. وإلى تلك الفحوصات، وضعت المديرية العامة للطيران المدني وإدارة المطار لائحة بالإرشادات والإجراءات التي يفترض بالمسافرين الالتزام بها، من ارتداء الكمامات مع تغييرها كل أربع ساعات، إلى سائل تعقيم اليدين، إلى اتخاذ إجراءات تعقيم في ما يخص حقائب اليد. هذا أقصى ما تملكه الدولة من عدّة للمواجهة.
أمس، أعادت إدارة المطار التذكير بتلك الإجراءات، وأتبعت ذلك بتعميم آخر يفرض فيه على كل قادم إلى لبنان «حيازة بوليصة تأمين صحية صالحة لمدة الإقامة»، لتغطية كل تكاليف العلاج من فيروس كورونا. باغت هذا التعميم، الذي فرضت بموجبه الإدارة عقد ضمان covid-19 كإجراء إلزامي للعبور إلى البلاد، العائدين. ففي التوقيت، لم يكن ثمة مجال للتفكير في العودة من عدمها، خصوصاً أن «من حجز حجز»، ومن ناحية أخرى أحدث هذا القرار بلبلة أيضاً لناحية «عملة» استيفاء رسوم العقد، المفروضة بالدولار الأميركي. لم تترك الإدارة الخيار لـ«رفض» العودة، مع القرار المفاجئ. هكذا، وضعت القادمين تحت الأمر الواقع. ولئن كانت مرتاحة لقرارها، لجهة تخفيف العبء عن كاهل وزارة الصحة، إلا أن ما فعلته كان فرضاً لا خياراً، إذ ألزمت العائدين في حال عدم ملكيتهم لتلك الوثيقة الحصول عليها «بواسطة تطبيق covid-19 travel care أو عبر المكتب المعني الموجود في مطار بيروت الدولي». وقد ميّز نص التعميم بين الوافدين اللبنانيين والأجانب، كما ميّز قيمة العقد بحسب العمر ومدة الإقامة.
33 إصابة جديدة سجّلها عداد كورونا، أمس، ليرفع عدد الإصابات الإجمالي إلى 1778. وعلى عكس اليومين الماضيين، استعاد العداد زخمه مع تسجيل 27 إصابة بين المقيمين و6 إصابات بين الوافدين. وتوزعت الإصابات بين برج البراجنة (7 إصابات) والأوزاعي (2) و4 إصابات في كل من الحدث والميناء وصور، وإصابة في كل من المريجة وبشارة الخوري والوردانية وكيفون والعبدة – عكار وكوثرية السياد، إضافة إلى إصابتين قيد التحقيق. وفي ظل هذا الواقع، قرر المجلس الأعلى للدفاع، أمس، تمديد حالة التعبئة العامة لمدة 4 أسابيع تنتهي في الثاني من آب المقبل، والإبقاء تالياً على التدابير الوقائية للحد من انتشار الفيروس.