يبتعد الوضع اللبناني عن دائرة الضوء والمعالجات ليدخل دائرة العتمة والمجهول على المستويات السياسية والمالية والمعيشية، وتحولت حكومة الاختصاصيين التي جئنا بها لوقف التدهور والانقاذ الى حكومة متنافرة يخاطب وزراؤها بعضهم عبر “تويتر” وفي امور بالغة الاهمية كالرغيف، في وقت يقدم فيه المواطن بدوره على شراء العشرات من ربطات الخبز لمجرد سماعه بشائعة. المجلس النيابي كخلية نحل يعمل وبعض الحكومة يطالب بمنحها صلاحيات استثنائية. غريب عجيب امر البلد بحكومته وناسه والوضع في البلاد بات من دون افق.
هذه هي الصورة السائدة في عين التينة اليوم لدى الكلام عما ستؤول اليه الاوضاع، وهذا هو فحوى الاحاديث التي يتداولها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع زواره الذين ينقلون لـ”المركزية” عنه ايضا “يا اخي ما حدا بدو يسمع”. بح صوتنا ونحن نطالبهم بوجوب اعلان خطة طوارئ مالية اقتصادية. اوعزت الى اللجان النيابية بضرورة درس مشاريع قوانين خطة الحكومة الاصلاحية والانتهاء منها عاجلا وهو ما جرى، حتى اننا عملنا على وضع مقاربة واحدة للخسائر المالية التي سلمتنا لجنة المال امس تقريرها وذلك من اجل المساعدة في دفع التفاوض مع صندوق النقد الدولي قدما .اقر المجلس الموازنة العامة الاخيرة بعجز يقدر ب40 في المائة وبات اليوم 400 في المائة.
واذا كانت استقالة المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني تعكس الخلاف القائم بين المجلس والحكومة حول خطة الاصلاح وتقدير الخسائر المالية يسأل الزوار، هل ثمة قرار مالي لا يحمل على مدى ما يفوق العشرين عاما توقيع بيفاني وهل استفاق ضميره فجأة اليوم …كيف ولماذا؟
ولدى سؤالهم عن دور المجلس في مساءلة الحكومة ومحاسبتها في الاجواء السياسية السائدة في البلاد يستحضر الزوار الخلافات المستحكمة بين الفرقاء وينقلون في هذا السياق عن بري قوله “الناس بالناس والقطة بالنفاس، شو البديل” نحن ندعوها الى القيام بواجباتها. اين هي الاصلاحات الموعودة والتي يطالبنا بها العالم باسره؟ هنا ايضا باتت المقولة السائدة “ما خلونا ” البلد وقع ونحن على خلاف على جنس الملائكة. الشكوى لله، والدعوة للجميع الى وقفة ضمير ومراجعة النفس، علنا نستطيع انقاذ ما يمكن بعد، خصوصا وان هبوب العاصفة الدولية المتمثلة في الضغوط التي تمارس علينا تترافق مع رياح جنوبية تلوح من وراء ستائر عملية ترسيم الحدود وبدء التنقيب عن النفط والغاز اضافة الى تداعيات ما يجري ويعد للمنطقة .