تتفاوت التقديرات حول القيمة الفعلية لكلفة تهريب المحروقات من لبنان في اتجاه سوريا. فالبعض يقدّرها بنحو 400 مليون دولار، فيما يرجّح البعض الآخر ومنهم أصحاب محطات محروقات أنّ القيمة الحقيقية أكثر بضعفين.
في أسبوع واحد فقط، أي بين 7 و 14 أيار الماضي، ضبط الجيش اللبناني نحو 215 ألف ليتر من المحروقات و71 طناً من الدقيق كان يتم تهريبها عبر الحدود اللبنانية – السورية، هذا عدا عن الكميات الكبيرة من المواد الأخرى التي تهرّب يومياً ولا يتمّ ضبطها. وتوضح مصادر مطلعة على هذا الملف أنّ المعضلة في عملية التهريب هي في عجز الحكومة عن وقف استنزاف الخزينة بمئات ملايين الدولارات، يتم ضخها من الاحتياطي الإلزامي في المصرف المركزي لدعم مادتي المحروقات والطحين، لكنها سرعان ما تصب في نهاية المطاف في جيوب المهربين.
بذلك وفي ظلّ استمرار عمليات التهريب التي تؤكد المصادر أنها لا تقلّ يومياً عن مليوني ليتر من المحروقات المدعومة، فإن الأزمة ستستمرّ ولو دخلت عشرات بواخر المحروقات وأفرغت حمولاتها لتضيع في بحور أسواق التهريب، مقابل تأمين كميات لا تكفي سوى لأيام معدودة في السوق اللبناني.
وفي هذا السياق، تشير المصادر إلى أنّ مافيا تهريب المازوت راكمت ولا تزال تراكم أرباحاً بملايين الدولارات جراء تدني سعر المازوت المدعوم في لبنان، حيث تبلغ تسعيرة 20 ليتراً من الديزل أو المازوت 9،100 ليرة لبنانية (ما يعادل 6 دولارات وفق سعر الصرف الرسمي للدولار)، بينما في سوريا يصل السعر إلى أكثر من الضعف عند مستوى يعادل نحو 15 دولاراً. ومن هنا يتابع مهربو المازوت مهامهم، لتوفير الاستهلاك المحلي في سوريا وتحقيق الأرباح على حساب خزينة الدولة اللبنانية، في حين يُحرم اللبناني من المازوت ويعاني الأمرين للحصول على حاجته من هذه المادة الحيوية، ما يفاقم أزمة البلد المالية والنقدية ويتسبّب بتدني ساعات التغذية الكهربائية بالتوازي مع تقنين يفرضه أصحاب المولدات، ويؤدي تباعاً في المناطق إلى قطع الكهرباء عن المشتركين، هذا فضلاً عن توقف عجلة أعمال المعامل والمصانع لاعتماد حركة إنتاجها على الطاقة والمازوت… فمتى تلعب الحكومة دورها وتضع حداً لنزيف التهريب؟