كتبت لينا الحصري زيلع في صحيفة “اللواء”:
مع استمرار استفحال الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية، يواصل المواطن اللبناني كفاحه لتأمين لقمة عيشه التي أصبحت صعبة المنال حتى ولو في حدّها الادنى، حيث تدنت القيمة الشرائية لديه بنسبة 80%، وسط سكوت المسؤولين، ووقوفهم كمراقبين لما يجري دون التدخل لانقاذ ما تبقى من سبل العيش، في وقت بات مؤكداً ارتباط الأزمة القائمة بالأوضاع السياسية بشكل عام، ولا سيما الإقليمية منها، حسب ما تشير المعطيات كافة.
من هنا، تجزم مصادر سياسية متابعة لعلاقات لبنان مع الخارج عبر «اللواء» أنه «أصبح من المستحيل تقديم الدعم المالي للبنان بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الاشقاء او الاصدقاء أو حتى عبر اللبنانيين المغتربين في ظل انعدام الثقة التي لا يمكن ان تبنى في بلد يتحكم به منطق السلاح والهيمنة، وحزب يعلن وقوفه مع إيران وسوريا وضدّ كل دول العالم بما فيه الدول العربية»، لذلك تؤكد المصادر انه مع استمرار سيطرة «حزب الله» على البلد وتحكمه بقرارات الحكومة، فمن المستحيل ان يتم الإنقاذ».
الاوضاع المفتوحة على كل الاحتمالات
وتشير المصادر الى ان «مصرف لبنان لا يستعمل حاليا الاحتياطي الموجود لديه، لانه في حال قام بذلك وتدخل للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار قد يتم نفاذ احتياطه خلال ايام قليلة لا اكثر»، ولفتت إلى أنه «لا يمكن لأي مصرف مركزي في العالم الوقوف في وجه تدهور العملة عبر تدخله في وضع مشابه للحالة اللبنانية»، لذلك ترفض المصادر «تحميل السياسة المتبعة من قبل سلامة مسؤولية تدهور الاوضاع بل تعتبرها بأنها الافضل والأنسب في وضعنا الحالي».
من هنا، ترى المصادر انه «في حال تمت اقالة حاكم مصرف لبنان حاليا فإن الامور ستزداد سوءاً وتدهورا بشكل سريع، خصوصا ان الاوضاع المالية اصبحت مفتوحة على كل الاحتمالات».
اين الحكومة من الانهيار الحاصل؟
وتحمّل المصادر تدهور الاوضاع المالية والاقتصادية الى الحكومة «بسبب عدم قيامها باي جهود جدية للحدّ من الانهيار الحاصل، خصوصا من خلال المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي واعلان المديرة التنفيذية للصندوق كرستينا جورجيفا بشكل واضح وصريح ان المشاورات مع لبنان لم تصل بعد الى اي مكان اذا لم يكن لديه القدرة للقيام بالاصلاحات الضرورية المطلوبة، خصوصا انه ليس هناك من برنامج واضح من قبل الحكومة اللبنانية».
وتعتبر المصادر ان «اعلان المسؤولة الدولية واضح، خصوصا ان هناك تخبطا ظاهرا بين الفريق اللبناني المفاوض الواحد مع وفد الصندوق من خلال عدم توحيد ووضوح للرؤية والبرنامج».
شروط صندوق النقد للمساعدة
وتوقعت المصادر ان «يقدم الصندوق الدولي ورقة الى الجانب اللبناني من اجل العمل على تنفيذها»، ولا تستبعد ان «تكون شروط هذه الورقة قاسية وتتضمن الكثير من الاجراءات الموجعة والتي تطال المواطن اللبناني من زيادة للضرائب وغيرها، خصوصا انه من المؤكد ان يطالب الصندوق الدولة اللبنانية القيام باصلاحات سريعة تطال الكثير من المرافق ومن بينها ضبط للحدود واتخاذ تدابير ادارية وغيرها من الاجراءات كشرط لتقديم الدعم له».
وتذّكر المصادر بان «أي قرار يتم اتخاذه من قبل صندوق النقد الدولي يكون بناءً لموافقة مجلس ادارته، مع العلم ان من يسيطر على مجلس الادارة هي الولايات المتحدة الاميركية، من هنا فإن الموافقة على تقديم اي مساعدة تعود الى الاميركيين الذين قد يستمرون برفضهم تقديم دعم للبنان طالما «حزب الله» يسيطر على قراراته»، كاشفة بان «فرنسا حاولت التدخل لدى الولايات المتحدة من اجل تقديم المساعدة لكنها رفضت بسبب تصرفات ومواقف حزب الله».
لذلك تعتبر المصادر ان «هناك قرارا دوليا بابقاء لبنان خارج معادلة تقديم اي مساعدة له، طالما «حزب الله» يسيطر على زمام امور الدولة، وهذا الامر أعلن عنه مؤخرا بشكل واضح وصريح من قبل عدد من الديبلوماسيين الاجانب في لبنان بانه لا يمكن الخروج من كبوتنا الراهنة طالما استمر «حزب الله» بالسيطرة على القرار اللبناني».
ولم تستبعد المصادر نشوب حرب بين «حزب الله» وإسرائيل التي تريد تدمير قوة الحزب، وترى هذه المصادر بانه «في حال وقوع الحرب سيكون لبنان وحيدا دون اي تدخل او مساعدة عربية او دولية لحين ربما تدخل الولايات المتحدة لإعادة البناء كما حصل ابان الحرب العالية الثانية في المانيا».
انتفاضة جوع قريبة
ولم تستبعد المصادر ان «يخرج الشعب اللبناني المهدد بلقمة عيشه الى الشارع خلال الايام القليلة المقبلة، اعتراضا وغضبا لوصول الازمة الى ما هي عليه الان بسبب السياسة المتبعة من قبل الدولة اللبنانية، ولكن في الوقت عينه، تتخوف المصادر، ان يتدخل «حزب الله» لمنع المواطنين من الاعتراض وافشال تحركهم، خصوصا الذين يعتبرون ان الحزب هو المسؤول عن الازمة التي يتخبط بها البلد».
وتختم المصادر بتأكيدها ان «ما نمر به راهنا هو حرب اقتصادية ونفسية ومالية»، وتتخوف ان تكون الايام المقبلة أقسى وأصعب.