كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:
تركّز مهنة تقويم العمود الفقري على تشخيص وعلاج مشكلات العمود الفقري، الحوض، الأطراف والأنسجة التي تؤثر عليها بصورة مباشرة. ويدور أساس تقويم العمود الفقري حول مبدأ حلّ المشكلات الميكانيكية في العمود الفقري عن طريق التداول في العمود الفقري (manipulation).
إنّ تقنيات علاج التداول في العمود الفقري قديمة، وثمّة أدلّة على أنّ المصريين والإغريق واليونانيين القدماء استخدموا تقنيات مماثلة لإزالة الضغوط الميكانيكية عن الفقرات في العمود الفقري.
Chiropractic
وفي حديث لـ«الجمهورية»، شرح د. لوسيان عيد، طبيب ممارس في الولايات المتحدة وفي لبنان، وحائز على دكتوراه في طب تقويم العمود الفقري، ومعتمد من قبل المجلس الأميركي للعلاج بتقويم العمود الفقري، ومرخّص في نيويورك ونيو جيرسي وكاليفورنيا، أنّ «طب تقويم العمود الفقري، أو ما يُعرف بتقويم العظام والمفاصل أو chiropractic، هي طريقة لكشف وتصحيح أي إلتواء أو خلل في العمود الفقري، يكون المسبّب لكثير من الأوجاع في الظهر، أو الرقبة، أو ديسك الظهر، إن كان تشنّجاً في العضل أو التواءاً في العمود الفقري».
وأوضح: «أحياناً، يسبّب التواء كهذا التهاباً في المفصل، أو صداعاً في حال تهيّج العصب، أو fibromyalgia (أي الألم في جميع أنحاء الجسم). ولا يعالج طبّ تقويم العمود الفقري عوارض المشكلة، بل السبب وراء الألم. فيما يُعالج المريض غالباً الأعراض بالدواء من دون التطرّق إلى مصدرها».
تقويم العمود الفقري في لبنان
تأسّف د. لوسيان أنّ «لا كلّية طبّ للتخصّص في تقويم العمود الفقري في لبنان حتى اليوم». ونصح كل شخص يريد هذا النوع من العلاج بالتأكّد من خبرة الطبيب وكفاءته العلمية. وقال: «الأهم لطبيب تقويم العمود الفقري، هو أن يعلم في أي حالات لا يجب معالجة المريض، قبل التفكير في كيفية علاجه. فخطأ في العلاج قد يفاقم المشكلة بدلاً من تخفيفها أو حلّها»، لا سيما أنّ العلاج يتمركز حول العمود الفقري.
بحسب د. لوسيان، «يساعد تقويم العمود الفقري في تحقيق توازن أفضل في الجسم، وفي تقوية جهاز المناعة، إذ أساس المناعة هو الجهاز العصبي: «كلّ الرسائل في جسمك يتلقّاها ويرسلها جهازك العصبي. وفي حال تحرّكت عظمة من مكانها وأثّرت على العصب، قد تحدث خللاً في الجهاز العصبي، وفي الصحة العامة».
إلى جانب ذلك، يؤثر الالتواء بالعظام على حركة الدم. وفي بعض الأحيان، قد تؤثّر العظمة الملتوية على العضل، وفي أحيان أخرى، شدّ العضل هو الذي قد يؤدي إلى التواء في العظم، ما يزيد من التصلّب والتوتّر في المفاصل. ويساعد تقويم العظام في تحريك المفاصل أكثر، فيسهّل تدفّق الدم بشكل أفضل، ويخفّف من الالتهابات، ومن التكلّس على المدى البعيد».
مخاطر طب تقويم العمود الفقري
ووفقاً لـ د. عيد، «إنّ خطر طبّ تقويم العمود الفقري متدنٍّ جدّاً، مقارنةً بأقسام أخرى من الطبّ. فعلى طبيب التقويم أن يكون معترفاً به ومرخّصاً ومتمرّساً في التداول. ولكن يرفع الخطر على المريض عندما يلجأ إلى شخص غير مؤهّل ولا خبرة لديه، فخطأ في تقويم الرقبة مثلاً قد يؤدّي إلى جلطة، وعلاج غير مناسب قد يزيد من الالتهابات بالمفاصل، أو من حديّة الديسك في الظهر».
ماذا عن الرياضيين؟
يقول د. عيد: «إن كنتَ رياضياً تمارس أي نوع من النشاط البدني، عليك استشارة طبيب تقويم، بغض النظر عن وجود أو غياب عوارض أو أوجاع لديك. فلا يهتم طبيب التقويم بالالتواء في العظام فحسب، بل باتّزان الجسم ككلّ. كما أنّ المشكلة قد لا تظهر في البداية، والمتابعة مع طبيب تقويم عمود فقري يمكن أن تجنّب الرياضي المشكلة أو تخفّف من حدّيتها. في الحقيقة، لدى كثير من الرياضيين المحترفين في الولايات المتحددة مقوّم خاص بهم، يهتمّ بهم قبل الأداء وبعده، وذلك لتحسين الاتّزان، وتفادي الإصابات وتحقيق أفضل أداء ممكن».
ولفت إلى أنّ «تقويم العمود الفقري ليس كافياً وحده، فثمة حاجة لأساليب أخرى أحياناً، مثل اليوغا، وهي رياضة تساعد في المستويين الجسدي والنفسي، ومثل الحمية الغذائية الصحية. ويمكن لطبيب التقويم أن يساعد المريض في اختيار ما يناسبه بحسب حالته الخاصة».
ختاماً، نصح د. عيد القرّاء باستشارة أكثر من طبيب دائماً، فقد يجنّبهم تناول أدوية بآثار جانبية، أو عملية جراحية مثلاً. وقال: «نحن لسنا ضد الدواء والجراحة، ولكن من الأفضل أن تكون الجراحة الملاذ الأخير، عند الحاجة فقط».