كتبت إيفون أنور صعيبي في “نداء الوطن”:
حتى اللحظة، لم ترد معلومات حول موعد وصول شحنة الغاز أويل لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، ولا حتى وصول شحنتي الفيول أويل (Grade A&B) بعدما أبلغت الشركة المورّدة أي “سوناطراك” (Sonatrach) الجهة المعنية وهي “مؤسسة كهرباء لبنان” ان موعد التسليم ليس بقريب. ذلك يعني ارتفاعاً حاداً وغير مسبوق في عدد ساعات التقنين، وصولاً الى التوقف الكامل والشامل عن انتاج الطاقة الكهربائية نتيجة نفاد مخزون المحروقات في المعامل. وبحسب المعلومات، فإنّ تاريخ وصول أول شحنة غاز أويل سيكون في حدود 20 تموز 2020 من “KPC ” الكويتية، وهو ما ينذر بانقطاع تام للكهرباء لنحو أسبوع ونصف في حال استمرّت الوزارة بالتخبّط في حلقة مفرغة من دون ان تتمكن من ايجاد حلّ سريع. وذلك يعني ايضاً ان “إشاعة” الفيول المغشوش لم تكن سوى قضية فريق سياسي “مغشوش” المعلومات والمصادر.
أما “بعض” القضاء المسيّس فلم يقم الا بالاستئثار في استخدام القوانين بلا أي تخصص في القضايا النفطية ولا حتى اثباتات، بل انه اتّخذ قرارات استنسابية أدت الى الحجز على سفينة “Baltic” لأكثر من شهر مما رتب غرامات كبيرة على كاهل الدولة وخزينتها العامة، بحجة انه يتوجب على شركة “سوناطراك” ان تدفع للجمارك 2.5 مرة سعر البضاعة. وهنا سؤال بديهي: لماذا لم تُستثنَ هذه الباخرة طالما أبدت الشركة المعنية حسن نيتها عبر عرضها باستبدال الشحنة غير المطابقة للمواصفات بأخرى؟ وكذلك الامر في ما خصّ سفينة توقيف “Asopos “ومنعها من التفريغ، ففُحِصت مادة الفيول المتواجدة على متنها أكثر من مرة ليتبين بعد حجزها لمدة اسبوعين انها خالية من العيوب التقنية.
واذا كان الهدف مما حصل في قضية الفيول غير المطابق للمواصفات تطيير الشركات الكبرى عبر إحراج “سوناطراك” وإخراجها من المعادلة النفطية، فقد تمّ ذلك بنجاح لكن من خلال استنزاف كلّ القوانين المرعية الاجراء لتحقيق الغاية، في حين كان من الاجدى مراسلة الشركة الجزائرية وإبلاغها برغبة الدولة في تغيير شروط التعاقد، بعيداً من نهج المسّ بسمعة شركة دولية وتعريض الأمن الطاقوي في البلاد للخطر لمآرب سياسية ضيّقة.
أدى الغاء العقد، بعد رفض تجديده من الجانب الجزائري وما يتبع ذلك من مماطلة وتلكّؤ في تسليم الشحنات المطلوبة، الى انقطاع كهرباء لبنان من الفيول والغاز أويل وذلك في ظل وضع مالي سيئ، وهو ما عبّر عنه وزير الطاقة ريمون غجر في إطلالته الإعلامية الأخيرة، مشدداً على ان لبنان “بات مفتقراً الى رفاهية الوقت لإبرام عقود جديدة لاستيراد الفيول أويل”، وهو ما يدلّ صراحة على “سكيزوفرينيا” الاستراتيجيات والخطط التي تؤدي الى نتائج عكسية بدلاً من الانجازات المنتظرة.
أما بواخر “كارادينيز” التركية، فمتوقفة عن الإنتاج بعد تقاعس الدولة عن ايفاء التزاماتها بالدولار بالاضافة الى عجزها عن تأمين الفيول أويل.
يعمل معمل الزهراني حالياً بثلث قدرته فيما يختزن كمية محروقات تكفي حتى السبت المقبل أي بعد يومين فقط، اما معمل دير عمار فيعمل بنصف طاقته الإنتاجية ليكون الاثنين المقبل اليوم الأخير قبل ان يطفئ انواره يوم الثلثاء الاسود.
في هذا السياق، يتساءل مصدر متابع عن “سبب عدم تطبيق حلّ الـspot cargo لشراء الفيول بطريقة “غب الطلب” وتأمين كهرباء للمواطن الذي سيدفع فاتورة مضاعفة للمولدات الخاصة. وبحسب المصدر لقد حان الوقت لـ”تصحيح” التعرفة الكهربائية عبر زيادتها بنسبة معقولة. لكن يبدو ان الدولة تتهرب من انتاج الكهرباء لخفض وكبح الخسائر المتأتية من آلية شراء المحروقات للانتاج الكهربائي وبيعه بأقل من سعره بـ 60% جراء عدم الجباية العادلة بين المناطق بالاضافة الى الهدر الفني”.
في موازاة ذلك، علمت “نداء الوطن” ان “كهرباء لبنان” طلبت من “منشآت طرابلس والزهراني” تزويدها بالديزل أويل لتفادي إطفاء المعامل نهائياً. فهل تستجيب الوزارة لهذا الطلب؟ أم تُترك كمية المازوت المتوفرة لتغذية السوق المحلية وتحديداً المولدات؟ أم تُترك للتهريب إلى سوريا؟ وهل تشير هذه المعمعة التي ستترك لبنان لاول مرة في عتمة تامة منذ حرب السبعينات الى التوجه نحو فدرالية كهربائية، بحيث يؤمّن “زويعم” كل منطقة الطاقة لأتباعه؟