انطلق قطار التغيير الحكومي. لم يحدد بعد متى يصل إلى محطة إسقاط أو استقالة الحكومة، لكن في مطلق الأحوال هذه المحطة ليست ببعيدة، وقد نصل اليها بعد اسابيع معدودة على ابعد تقدير!
وقد لفت مصدر سياسي الى ان وضع القطار على هذه السكة ليس فقط على المستوى المحلي بل ايضا هناك تقاطع دولي غربي- عربي، وخير دليل الحركة الحاصلة في مقر اقامة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، الذي زار واستقبل عددا من الشخصيات اللبنانية السياسية والاقتصادية، كما التقى سفراء الولايات المتحدة الاميركية والمملكة المتحدة، دولة الامارات، وقبلهم السفير الفرنسي، بما يشير الى ان هناك تحركا دوليا تجاه لبنان.
ولكن يبدو ان هذا التحرك قد يتراجع نسبيا في ضوء استقالة رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب، وبالتالي لا بد من انتظار تأليف حكومة جديدة، وليس واضحا بعد ما اذا كان الوزير جان إيف لودريان سيعود لتولي وزارة الخارجية، وبالتالي متابعة الملف اللبناني.
وفي هذا الاطار، اشار المصدر الى ان زيارة لودريان التي كانت مرتقبة الى بيروت- بالطبع تأجلت او الغيت- لم تكن فقط باسم فرنسا بل مكلفا ايضا من قبل الولايات المتحدة والسعودية وبريطانيا والاتحاد الاوروبي، من اجل نقل رسالة بمضمونين: الاولى، لا يمكن ان تصل مساعدات الى لبنان في ظل المنظومة القائمة. الثاني، لا بد من ضبط وضع حزب الله لان التهديدات الاسرائلية جدية.
اما على المستوى الداخلي، فقد اشار المصدر الى ان التغيير الحكومي يتم من خلال احد المسارات الدستورية الثلاثة: استقالة رئيس الحكومة، استقالة الثلث زائدا واحدا من اعضاء الحكومة ، سحب الثقة من مجلس النواب. الى جانب مسار شعبي رابع من خلال اسقاطها في الشارع اي الضغط باتجاه مسار دستوري.
وهنا اوضح المصدر انه على رغم البحث الجدي في الكواليس السياسية عن التغيير الحكومي، ما زال هناك عدة اشكاليات تعترضه، من ابرزها:
– اصرار حسان دياب على عدم الاستقالة قبل تقدم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولكن هذا الشرط لم يعد له اي قيمة في ضوء المفاوضات الجامدة والسلبية وان استمرت الاجتماعات، لا بل اصبح تغيير الحكومي شرطا لتقدم هذه المفاوضات.
-دياب ليس رجل سياسة او زعيما له شعبية، بمعنى انه اذا استقال اليوم لا امل له ان يعود الى السراي الكبير في مرحلة لاحقة، لذا هو متمسك باللبقاء اطول فترة ممكنة في منصبه.
-القوى الحالية تخشى من ان يكون اسقاط الحكومة مقدمة لتطورات اخرى في تغيير المنظومة الحاكمة، وتحديدا على مستوى العهد، او تقديم نواب استقالاتهم، حيث ان كل الاحتمالات تبقى واردة وان لم يكن المقصود تحقيقها كلها، فالبلد حاليا بات كمريض في العناية الفائقة ووضعه صعب، قد يخرج في يوم ما من العناية، لكن حالته قد تتدهور في اي لحظة بشكل دراماتيكي لا يتوقعه احد، وتتعطل كل اعضائه.
وفي هذا السياق، توقف المصدر عند اللقاء الذي جمع بري وباسيل، مشيرا الى ان بري يدفع الى تغيير الحكومة، لكن ما يفرمل اي خطوة مماثلة ، هو “من الرئيس البديل” و”اي حكومة نريد”؟!
واكد المصدر انه حتى اللحظة، الرئيس سعد الحريري ليس البديل الا اذا حصل تغيير في ذهنية اداء الحكم، اي على غرار ما حصل في العام 2005 حين شكل الرئيس فؤاد السنيورة حكومته بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فتحول الرئيس الاسبق اميل لحود الى “رئيس صوري”، ولكن هذا الامر غير ممكن مع الرئيس ميشال عون.
لذا، تابع المصدر، عاد الحديث الى اختيار احد رؤساء الحكومات السابقين وابرزهم تمام السلام، كونه الاكثر اعتدالا، او اختيار رئيس حكومة من خارج المنظومة السياسية، اي الانتقال من تكنوقراطي (حسان دياب) الى تكنوقراطي ناجح ، وفي هذا الاطار بدأت تطرح في الاروقة السياسية بعض الاسماء.
ورأى المصدر ان هذا التطور المحلي يترافق مع تطورات خارجية، لا بد من اخذها بالاعتبار، منها:
– المواقف الاميركية، وكان آخرها ما جاء بالامس على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، ومفاده ان أمام القادة اللبنانيين خيارات صعبة وسنعمل مع الفرنسيين من أجل مستقبل أفضل للبنان.
-توقف سفراء الدول الكبرى عن التعاطي مع الحكومة.
-التهديدات الاسرائيلية على خلفية بدء التنقيب عن النفط بالقرب من البلوك 9.
-هذا بالاضافة الى قانون قيصر الذي يتبين انه سيكون له مردود على الوضع اللبناني.
وختم: هذه ايضا من العوامل التي تدفع الى ضرورة احداث صدمة في الداخل اللبناني.