تتكاثر الإشارات الدالة بقوة إلى أن العلاقات على خط “التيار الوطني الحر” – “حزب الله” لم تعد كما عهدها الناس والمجتمع الدولي منذ توقيع تفاهم مار مخايل بين مؤسس التيار الرئيس العماد ميشال عون والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله. ذلك أن مذ خرج رئيس التيار النائب جبران باسيل عن صمت اعتمل في قلبه طويلا في ما يخص العلاقات مع حزب الله، بدا واضحا أن من الصعوبة بمكان إعادة المياه إلى مجاريها، وإن كان الطرفان يجهدان في تأكيد قدرة تحالفهما الاستراتيجي على الاستمرار والقفز فوق المماحكات السياسية التقليدية، مع العلم أن هذا النوع من الخطاب السياسي يبدو غير مقنع في نظر كثيرين، على وقع الأفق المسدود الذي بلغه المشهد السياسي الذي يرسم في البلاد.
وفي السياق، لفتت مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن ما جرى في أعقاب القرار الذي أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح في حق وسائل الاعلام لجهة منعها من استصراح سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا ليس إلا النقطة التي فاضت بها كأس التوترات “المخفية” بين الجانبين. ذلك أن هذا الكباش الذي انتهى إلى استقالة متوقعة لمازح من منصبه، بهدف تفادي الوقوف في قفص الاتهام أمام التفتيش القضائي، أظهر أن للقرار خلفيات سياسية قد تتجاوز تصفية الحسابات بين واشنطن والمحور الممانع. وذكّرت المصادر بأن الأجواء التي تسربت من لقاء وزير الخارجية ناصيف حتي (الذي يحسبه البعض على فريق التيار في الحكومة) تتيح القول إن خطوة استدعاء شيا لم تكن إلا لحفظ ماء وجه الحكومة أمام المجتمع الدولي، حيث إن الجانبين ناقشا العلاقات الثنائية بين البلدين وأهمية حرية الإعلام، وهي أمور يمكن بحثها في أي اجتماع تقليدي بين مسؤول لبناني وسفير دولة أجنبية.
وأكدت أن إلى هذا المشهد، تضاف خطوة نادرة من المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي الذي اتصل بالسفيرة ليبلغها أن القرار قضائي ولا خلفيات سياسية له، فيما كان صقور حزب الله يهللون لخطوة القاضي مازح على اعتبارها وضعت حدًا لـ”التدخل الأجنبي السافر في الشؤون الداخلية اللبنانية”، على حد قول النائب ابراهيم الموسوي بعيد صدور الحكم.
وختمت المصادر لافتةً إلى أن هذا الكباش يأتي في وقت يكثر باسيل الإشارات الايجابية إلى المجتمع الدولي لأهداف رئاسية بعيدة المدى، بدليل أنه عارض طرح نصرالله التوجه شرقا مشددا على العلاقات بين لبنان والغرب. غير أنها نبهت إلى أن الخصم الرئاسي لباسيل، زعيم المردة سليمان فرنجية، صاحب الحلف الوثيق مع الحزب ونصرالله، يعطي هو الآخر مؤشرات رئاسية إلى المجتمع الدولي أيضا. وهو ما يظهره إصراره على تأكيد استقلالية موقفه السياسي، على الرغم من ايمانه بمحور الممانعة، مع العلم أن هذا الأمر لا يزعج حزب الله، بدليل أنه لم يبذل جهدا لثني فرنجية عن قرار مقاطعة طاولتي بعبدا الحواريتين، مع علمه المسبق بأن خطوة من هذا النوع تحمل بين طياتها ضربة قاسية إلى ثنائي بعبدا- ميرنا الشالوحي.