Site icon IMLebanon

إعلان بعبدا يعود بغطاء ديبلوماسي وفاتيكاني

لم يتأخر رئيس الحكومة حسان دياب في تلقف الاشارة القوية التي أطلقها الأمين العام لـ “حزب الله” قبل أسابيع بدعوته إلى التوجه شرقا، وهو الذي سارع إلى لقاء سفير الصين ووفد عراقي لمد البلاد بسترة نجاة تقيه شرور المضي المتسارع نحو مزيد من الانهيارات. وفي وقت لم يخف رئيس الحكومة حماسته إزاء استئناف هذا المسار، تستمر في المقابل، الحركة السياسية والديبلوماسية في اتجاه تكريس سياسة تحييد لبنان عن المحاور الاقليمية وصراعاتها طبقا لما ينص عليه إعلان بعبدا، بدليل أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بات ينادي علنا باعتماد هذا الخيار، ويطلق كثيرا من إشارات الامتعاض إزاء القرارات والممارسات التي يتجه إليها بعض أركان الحكم والحكومة، ملمحا إلى سيطرة حزب الله على القرار السيادي للدولة.

وفي السياق، تشير مصادر سيادية عبر “المركزية” إلى أن دخول البطريرك الراعي على خط الداعين إلى الحياد وتطبيق إعلان بعبدا، يعد نقطة قوية يسجلها المناوئون للنهج السياسي السائد في البلاد في مرمى المعسكر الموالي. ذلك أن الرئيس ميشال سليمان نجح في تحقيق ما رمى إليه من المشاركة في الحوار الوطني الذي أقيم في بعبدا في 25 حزيران الفائت. وفي هذا الاطار، لفتت المصادر إلى أن حضور سليمان، على الرغم من العلاقات السياسية المتوترة مع الرئيس ميشال عون، منذ وجوده في الرابية، يجب ألا يقارب من زاوية “تعويم” الرئاسة بعد مقاطعة المعارضة، بل من منطلق أهمية وضع ملف حياد لبنان على الطاولة، في حضور ممثل عن حزب الله الذي أطاح إعلان بعبدا مشاركته في الحرب السورية.

على أي حال، فإن أحدا لم يكن يتوقع من حزب الله أن يغير موقفه من إعلان بعبدا الذي تجاوز تواقيع المشاركين في حوار الـ 2012، على ما تقول المصادر، مذكرة بأن هذا الاعلان بات وثيقة دولية تعترف بها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وهو ما يفسر الحركة الديبلوماسية اللافتة التي يستقطبها سليمان. ذلك أن في أيام معدودة حط في اليرزة سفراء الكويت والامارات وفرنسا والمملكة العربية السعودية، مع العلم أن الأخير كان بادر إلى عقد لقاءات لافتة في رسائلها مع شخصيات سياسية وديبلوماسية غير مؤيدة لـ “حزب الله”، وزار الديمان أمس في ما اعتبر تأييدا مبطنا لمواقف البطريرك الراعي. وترجح المصادر أن يكون تصعيد الراعي في وجه العهد وحزب الله يحمل بين طياته رضى فاتيكانيا على فتح المواجهة المنتظرة منذ زمن مع حزب الله، من تحت قبة البطريركية المارونية تحديدا. وتلفت المصادر إلى أن هذه الصورة تذكر إلى حد بعيد بالبطريرك الماروني نصرالله صفير الذي كسر المحرمات وخط نداء المطارنة الموارنة الشهير الذي أطلق شرارة المواجهة ضد الاحتلال السوري، وحول البطريركية المارونية إلى ملجأ للمعارضين السياديين، وهو ما عكسته مواقف المعارضة المرحبة بالعظة العنيفة للراعي الأحد الفائت إلى حد اعتبارها “خريطة طريق إنقاذية”، كما جاء في تصريح لعضو اللقاء الديموقراطي مروان حمادة أمس.

وفي انتظار انعكاسات هذا المخاض الديبلوماسي ونتائجه على الأرض، بعد تطيير احتمالات إطاحة الحكومة راهنا لغياب البديل في هذا التوقيت، تلفت المصادر إلى عبرة يجوز استخلاصها من الصورة السائدة اليوم: لا مجال للمضي في التوجه شرقا كما يريد حزب الله لتكريس هيمنته على القرار السياسي والاقتصادي في البلاد. ذلك أن مصالح لبنان مع المجتمع الدولي هي الأهم في زمن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. الحل يكمن إذا في انتهاج سياسة الحياد وإطلاق عنان الاصلاحات، وهو ما لا تزال الحكومة عاجزة عنه بدليل طبخة المحاصصة التي “بصم عليها” مجلس الوزراء لتعيين أعضاء مجلس إدارة كهرباء لبنان، وتشكيل جبهة معارضة وطنية تعيد بعضا من التوازن إلى القرار السياسي المختل لصالح حزب الله. كلها خطوات كبيرة ينتظرها المانحون من لبنان الذي قد يلمس هذا الاستياء الدولي من وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان، في زيارته المنتظرة إلى بيروت قريبا.