كتب رولان خاطر في صحيفة “الجمهورية”:
مع كل تطوّر الأحداث السياسية، عادت الأنظار لتتركز على بيت الوسط ومعراب، لرصد العلاقة وتطورها بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، لما لها من تأثير على مجرى الأحداث والتطورات.
«جرى اتصال بيني وبين جعجع، والأمور بقيت عند هذا الاتصال فقط». و«سأكون في بيت الوسط». كلام فيه الكثير من الزعل والزغل، قاله الرئيس سعد الحريري لدى زيارته المطران الياس عودة امس. ومعلوم انّ الاتصال أجراه الدكتور جعجع، يوم كُشف عن محاولة اغتيال قد يكون تعرّض لها الحريري في زيارته الأخيرة لمنطقة البقاع، للاطمئنان اليه، حيث حصل تبادل للأفكار والسلامات والتحيات.
وتؤكّد مصادر معراب لـ«الجمهورية»، أنّ قنوات الاتصال المعتمدة بين الجانبين تعمل باستمرار، من اجل تبادل الأفكار، ولم تنقطع في أي لحظة، حتى في الأوقات التي كان فيها التوتر على أشدّه وخرج إلى الإعلام.
ومعلوم انّ العلاقة بين الجانبين تراجعت نتيجة عاملين: العامل المُعلن، المتصل بعدم تكليف «الجمهورية القوية» للرئيس سعد الحريري لترؤس الحكومة، لأنّ «القوات» كانت تعتبر انّ فريق 8 آذار والأكثرية الحاكمة لن يقبلا بأي حكومة اختصاصيين مستقلّين. وانطلاقاً من تمسّكها بهذه الحكومة، كانت «القوات» واضحة مع الرئيس الحريري أنّها لن تكلّفه، لكنها ستمنح الثقة لحكومته اذا استطاع ان ينتزع حكومة اختصاصيين مستقلين.
العامل الآخر، يتصل بأنّ العلاقة بين الجانبين تستدعي جلسة غسل قلوب، تبدأ بمفعول رجعي يبدأ بما جرى في الانتخابات النيابية، وتحالف «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» في اكثر من منطقة، وطريقة إدارة الدولة، وامور عديدة أخرى.
وبانتظار ان تُعقد هذه الجلسة، التنسيق قائم، والعلاقة متواصلة على خط معراب – بيت الوسط، لكن الأكيد انّ المشهدية لن تكتمل إلّا من خلال اللقاء الذي يمكن ان يجمع الرجلين.
ونفت مصادر معراب تلقّي الدكتور جعجع أي نصيحة خليجية لإعادة لمّ شمل القوى السيادية التي ترأست قوى 14 آذار في الماضي، موضحة انّ اللقاء الذي انعقد في معراب مع السفراء الخليجيين كان لقاء سياسياً اجتماعياً، تحدث فيه الجانبان عن الأوضاع التي وصل اليها لبنان وكيفية الخروج من الواقع المأزوم.
وبحسب المصادر، «القوات» تقول اكثر من ذلك، «فهي دعت ولا تزال، كلاً من «المستقبل» و«الاشتراكي» إلى ضرورة تشكيل جبهة سياسية، لأنّ خطورة الوضع لا تحتمل الاستمرار بالمواجهة انطلاقاً من المربّعات المنفصلة للمكونات الثلاثة، إنما تتطلب الوصول الى مساحة مشتركة، من أجل توحيد الجهود، وان تكون المواجهة من مربّع واحد مشترك. ولم نتمكن حتى هذه اللحظة من تحقيق هذا الموضوع نتيجة لاختلاف بعض التباينات في الأولويات والنظرة إلى الأمور، لكننا ما زلنا نعمل في هذا الاتجاه».
وجدّدت مصادر «القوات اللبنانية»، التأكيد انّ «لا خيار ولا حلّ إلّا برفع الأكثرية يدها عن القرار السياسي، واذا لم ترفع يدها طوعاً يجب الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة، من اجل ان يرفع الشعب يد الأكثرية الحاكمة قسراً».
اللقاء بين الحريري وجعجع له ظروفه، تقول «القوات»، خصوصاً انّ الرجلين لا يقومان بلقاءات صورية او لها طابع بروتوكولي، فأي لقاء يجب ان يؤسس لوضعية جديدة، وهناك عمل في هذا الاتجاه، ريثما تتبلور الظروف من اجل ان يكون اجتماعاً مثمراً، لذلك فإنّ الأمور مرهونة بأوقاتها.
مصادر تيار «المستقبل» تتماهى وتختلف مع مقاربة «القوات»، وتقول لـ«الجمهورية»: «لا شيء جديداً على هذا المستوى. هناك اتفاق على المواضيع المطروحة في البلد، اكان تشخيص عجز هذه الحكومة التام عن إنجاز الاصلاح، او عن اولويات الاصلاح، بدءاً من قطاع الكهرباء، أو ضرورة تخفيف المطالب الحزبية على الحكومة لجهة تقاسم التعيينات والمحاصصة. وبالتالي، هناك اتفاق على الاستراتيجية، لكنّ الناس تريد أن تكون العلاقة بين الرجلين كما كانت عليه خلال حركة 14 آذار، وهذا يحتاج إلى بعض الوقت».
وتؤكّد انّ «التنسيق موجود ولو بالحدّ الأدنى»، مشيرة إلى انّ الخلافات السياسية التي طرأت نتيجة موقف «القوات» من تكليف الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة تحتاج الى بعض الوقت لتجاوزها. نافية ان يكون هناك أي مواقف شخصية لدى الرئيس الحريري من الدكتور جعجع.
وإذ اكّدت أنّ الرئيس الحريري لا يطلب أي تنازلات او مبادرات من معراب، اشارت مصادر «المستقبل»، الى انه «ليس هناك من مخطط حالياً لأي لقاء بين الحريري وجعجع، لكن هذا اللقاء غير مستبعد اذا حدث أمر يستدعي هذا اللقاء».